مشتهى الأجيال

561/684

الطاعة الحقيقية

كل طاعة حقيقية تنبع من القلب . لقد كان المسيح يعمل بقلبه . وإذا نحن رضينا فهو سيدمج نفسه في أفكارنا وأهدافنا ، وبذلك تصير قلوبنا وأفكارنا في حاله وفاق وانسجام مع إرادته حتى إذ نطيعه لا نكون سوى منفذين لبواعثنا ومحققين لرغباتنا . وإذ تكون الإرادة نقية ومقدسة ستجد أن أعظم وأسمى سرورها هو في القيام بخدمة الله . وعندما نعرف الله، وامتياز معرفته يكون ميسور لنا ، فإن حياتنا تكون حياة الطاعة المستمرة . فإذ نقدر صفات المسيح التقدير اللائق ، وإذ نكون في شركة مع الله فستصير الخطة كريهة بالنسبة إلينا. ML 634.5

وكما عاش المسيح الناموس في البشرية ، كذلك يمكننا أن نفعل نحن إن تمسكنا بالله في طلب القوة . ولكن ليس لنا أن نلقي تبعة واجباتنا على الآخرين وننتظر منهم أن يخبرونا بما يجب أن نعمل . فنحن لا يمكننا الاعتماد على البشر في طلب المشورة . إن الرب سيعلمنا واجبنا بنفس الرغبة التي هو مستعد أن يعلم بها الآخرين . فإن أتينا إليه بإيمان فسيخبرنا بأسراره هو بنفسه . وستلتهب قلوبنا فينا مرارا عديدة إذ يقترب منا السيد ويتحدث معنا كما تحدث مع أخنوخ . وأولئك الذين يعزمون على ألا يعملوا شيئا مغيظا أو محزنا لقلب الله ، فبعدما يبسطون قضيتهم أمامه سيعرفون ما يجب عليهم أن يعملوه . ولن محزنا لقلب الله ، فبعدما يبسطون قضيتهم أمامه سيعرفون ما يجب عليهم أن يعملوه . ولن يحصلوا على الحكمة وحدها بل سينالون قوة ، وستعطى لهم القوة التي قد وعدهم بها المسيح ، للطاعة والخدمة . “كل شيء” قد دفع للمسيح لسد حاجات البشر الساقطين . أعطي له كرأس البشرية ونائبها . “زمهما سألنا ننال منه، لأننا نحفظ وصاياه، ونعمل الأعمال المرضية أمامه” (1 يوحنا 3 : 22). ML 635.1

إن المسيح قبلما قدم ذاته ذبيحة بحث عن أعظم عطية جوهرية وكاملة ليمنحها لتابعيه ، تلك العطية التي تجعل في متناول أيديهم مصادر النعمة التي لا حدود لها فقال لهم: “وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزياً آخر ليمكث معكم إلى الأبد، روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله، لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم” (يوحنا 14 : 16 — 18). ML 635.2

كان الروح في العالم قبل ذلك . فمنذ بدء عمل الفداء كان يرف على قلوب الناس . ولكن عندما كان المسيح على الأرض لم يكن التلاميذ يريدون معينا آخر سواه . ولم يكونوا ليشعروا بحاجتهم إلى الروح القدس حتى يحرموا من حضور المسيح ، وبعد ذلك يحل عليهم روح الله. إن الروح القدس هو نائب المسيح ، ولكن ليست له طبيعة بشرية ، فهو مستقل عنها .لم يكن يمكن للمسيح أن يوجد في كل مكان بشخصه إذ كان يعرقله جسد بشريته . ولذلك كان من مصلحة التلاميذ أن يمضي المسيح إلى الآب ويرسل الروح ليكون خليفة له على الأرض . وحينئذ لم يكن لأي إنسان أية ميزة بسبب مركزه أو صلته الشخصية بالمسيح . فبواسطة الروح القدس يسهل على كل إنسان الوصول إلى المخلص . وبهذا المعنى كان سيصير أقرب إليهم مما لو لم يصعد إلى الأعالي. ML 635.3