مشتهى الأجيال
تعاليم لم يفهمها التلاميذ
قال المسيح: “لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيضاً. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه” ومع ذلك فإن التلاميذ لم يفهموا بعد فقد صاح فيلبس قائلاً : “يا سيد، أرنا الآب وكفانا” (يوحنا 14 : 7 و 8). ML 631.4
فإذ اندهش المسيح من بلادة فيلبس وبطء فهمه سأله باندهاش وألم: “أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا قيلبس!” أيمكن أنك لا ترى الآب في الأعمال التي قد عملها بواسطتي؟ ألا تؤمن أنني قد أتيت لأشهد للآب ؟ “كيف تقول أنت: أرنا الآب؟”، “الذي رآني فقد رأى الآب” (يوحنا 14 : 9). إن المسيح لم يكف عن أن يكون إلها عندما تأنس .فمع أنه وضع نفسه وصار إنسانا فقد كان لا يزال محتفظا بلاهوته . فالمسيح وحده هو الذي استطاع أن يمثل الآب لدى البشرية ، وكان للتلاميذ امتياز رؤية هذا التمثيل لمدى أكثر من ثلاث سنين. ML 632.1
قال يسوع: “ صدقوني أني في الآب والآب فيّ، وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها” (يوحنا 14 : 11). كان يمكن لإيمانهم أن يستند بلا خوف على البرهان الذي قدمته أعمال المسيح ، تلك الأعمال التي لم يعملها أي إنسان من تلقاء نفسه ولا يقدر أن يعملها . لقد شهدت أعمال المسيح لألوهيته ، ففيه أعلن الآب ذاته . ML 632.2
لو آمن التلاميذ بهذه الصلة الحيوية بين الآب والابن لما خذلهم إيمانهم عندما رأوا آلام المسيح وموته لكي يخلص العالم الهالك. كان المسيح يحاول أن يسمو بهم من حالة الإيمان الضعيفة إلى الاختبار الذي كان يمكنهم الحصول عليه لو تحققوا حقا ما هو- الله في جسد إنسان . كان يريدهم أن يروا أن إيمانهم يجب أن يقودهم إلى الله ويرسو هناك .بأية غيرة ومثابرة حاول مخلصنا الرقيق القلب أن يعد تلاميذه لمواجهة عواصف التجربة التي كانت موشكة أن تهب عليهم . كان يريدهم أن يستتروا معه في الله. ML 632.3
وإذ كان المسيح ينطق بهذه الأقوال كان مجد الله يشع من وجهه فأحس كل الحاضرين برهبة مقدسة وهم يصغون بانتباه ذاهل إلى أقواله ، وقد انجذبت إليه قلوبهم بكل قوة. وإذ جذبوا إلى المسيح بمحبة أعظم انجذبت قلوبهم إلى بعضهم البعض ، وأحسوا أن السماء قريبة منهم جدا وأن الكلام الذي كانوا يستمعون إليه لم يكن إلا رسالة إليهم من أبيهم السماوي. ML 632.4