مشتهى الأجيال
خبز وخمر
قال سيدنا: “إن لم تأكلوا جسد الإنسان وتشربوا دمه، فليس لكم حياة فيكم .. لأن جسدي مأكل حق ودمي مشرب حق” (يوحنا 6 : 53 — 55). وهذا ينطبق على طبيعتنا الجسدية . إننا مدينون لموت المسيح حتى بحياتنا الأرضية . فالخبز الذي نأكله هو مشترى بجسد المسيح المكسور والماء الذي نشربه مشترى بدمه المسفوك . لا يمكن أن إنسانا ، قديسا كان أم خاطئا ، يأكل خبزه اليومي إلا وهو يتغذى بجسد المسيح ودمه .وصليب جلجثة مرسوم على كل رغيف . ، وهو ينعكس على كل مجاري المياه . كل هذا علمه المسيح حين عين رموز ذبيحته العظيمة . إن النور الذي يشع من خدمة الاشتراك في العلية يضفي قدسية على مئونتنا التي نتناولها كل يوم . فمائدة العائلة تصير مائدة الرب ، وكل وجبة طعام تصير عشاء الرب. ML 628.2
فكم بالحري تصدق أقوال المسيح بالأكثر على طبيعتنا الروحية ! إنه يعلن قائلا: “من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية”. يمكننا أن نحيا حياة القداسة بكوننا نقبل الحياة التي سكبت لأجلنا على صليب جلجثة . ونقبل هذه الحياة عندما نقبل كلمته وعندما نعمل الأعمال التي أمرنا بعملها ، وهكذا نصير متحدين به ، فهو يقول: “من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه. كما أرسلني الآب الحي، وأنا حي بالآب، فمن يأكلني هو يحيا بي” (يوحنا 6 : 54 و 56 و 57). هذه الآيات تنطبق على المائدة المقدسة بمعنى خاص . فإذ يتأمل الإيمان في ذبيحة مخلصنا العظيمة فالنفس تهضم حياة المسيح الروحية وتتمثل بها وتستوعبها . فتلك النفس تحصل على قوة روحية كلما تناولت من المائدة المقدسة . إن الخدمة تنطوي على رابطة حية بواسطتها يتحد المؤمن بالمسيح ، وبذلك يرتبط بالآب . وهي بمعنى خاص توجد رابطة بين الخلائق البشرية الضعيفة والله. ML 628.3
ونحن إذ نتناول من الخبز والخمر اللذين يرمزان إلي جسد المسيح المكسور ودمه المسفوك فإننا بالفكر والتصور ننضم إلي مشهد العشاء في العلية ، ويبدو كأننا نسير في طرقات البستان الذي قد تقدس بالآلام الشديدة التي تحملها ذاك الذي حمل خطايا العالم ، ونشهد الصراع الهائل الذي بواسطته تصالحنا مع الله . لقد رسم المسيح بيننا مصلوبا. ML 629.1
ونحن إذ نشخص في فادينا المصلوب ندرك إدراكا كاملا عظمة ومعنى الذبيحة العظيمة التي قدمها جلال السماء . وتدبير الخلاص يتمجد في نظرنا . كما أن تفكيرنا في جلجثة يوقظ في قلوبنا انفعالات حية ومقدسة . وتمتلئ قلوبنا وتنطق أفواهنا بالشكر لله وللحمل لأن الكبرياء وعبادة الذات لا يمكنها أن تنمو أو تترعرع في النفس التي تذكر دائما مناظر جلجثة . ML 629.2
والذي يرى محبة المخلص التي لا تبارى سيسمو تفكيره ويتطهر قلبه وتصلح أخلاقه . وسيخرج ليكون نورا للعالم ويعكس في حياته هذه المحبة العجيبة إلي درجة ما .إننا كلما أطلنا التأمل في صليب المسيح أمكننا أن ننطق بما قاله الرسول بكيفية أكمل إذ قال: “حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح، الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم” (غلاطية 6 : 14). ML 629.3