مشتهى الأجيال
الاهتمام بالفقراء
إن ملائكة السماء يرسلون لخدمة أولئك العتيدين أن يرثوا الخلاص . ونحن الآن لا نعرف من هم أولئك الناس إذ لم يعلن بعد من هم الذين سينتصرون ويؤهلون لشركة ميراث القديسين في النور ، ولكن ملائكة السماء يجولون في الأرض طولا وعرضا عاكفين على تعزية المحزونين وحراسة المعرضين للمخاطر وكسب قلوب بني الإنسان للمسيح . لا تهمل أو تغفل نفس واحدة ، فالله لا يحابي الوجوه ، وهو يرعى كل النفوس التي جبلها بنفس الاهتمام والحب. ML 607.1
إنك إذ تفتح بابك لإخوة المسيح المحتاجين والمتضايقين فأنت إنما ترحب بالملائكة غير المنظورين . أنت تدعو رفاقا هم خلائق سماوية وهم يأتون بجو مشبع بالفرح والسلام . يأتون وفي أفواههم تسابيح السماء ، وفي السماء يسمع صدى تسبيحاتهم . فكل عمل من أعمال الرحمة يشيع البهجة في السماء . والآب من فوق عرشه يحصي عدد العاملين المنكرين لذواتهم بين أفضل كنوزه وأغلى جواهره. ML 607.2
أما الذين عن يسار المسيح والذين أهملوه في أشخاص الفقراء والمتضايقين فلم يكونوا يحسون بجرمهم . لقد أعماهم الشيطان فلم يدركوا أنهم مدينون لإخوتهم . كانوا منطوين على أنفسهم فلم يكترثوا لحاجات الغير. ML 607.3
لقد منح الله الثروة للأغنياء لكي يخففوا بها آلام المتضايقين ويجلبوا العزاء والراحة لأولاده المتألمين ، ولكنهم في غالب الأحيان لا يكترثون لحاجات الآخرين . إنهم يظنون أنفسهم أرفع من إخوتهم الفقراء ، ولا يضعون أنفسهم في مكان المساكين ليحسوا بإحساسهم ، ولا يدركون شيئا من تجارب الفقراء وكفاحهم فتموت الرحمة في قلوبهم . إن القصور الفخمة للأثرياء والكاتدرائيات العظيمة تغلق في وجوه الفقراء . فالمال الذي قد منحهم إياه الله ليباركوا به الفقراء ينفقونه على ملذاتهم وإشباع كبريائهم وأنانيتهم . إن الفقراء يحرمون كل يوم من التعليم الذي ينبغي أن يحصلوا عليه ، عن رأفة الله ومراحمه لأنه قد دبر كل ما يلزم لهم لكي يحصلوا على لوازم الحياة . إنهم يحسون بشدة وطأة الفقر الذي يجعلهم يضيقون ذرعا بالحياة . وكثيرا ما يجربون لأن يصبحوا حسودين وغيورين فتمتلئ نفوسهم بالظنون الرديئة . إن أولئك الذين لم يتحملوا ثقل العوز وضغط الحاجة في غالب الأحيان يعاملون الفقراء بمنتهى الازدراء وينظرون إليهم كما لو كانوا متسولين. ML 607.4
ولكن المسيح يرى ذلك كله ويقول: لقد كنت أنا الجوعان والعطشان والغريب ، أنا الذي كنت مريضا ومحبوسا . فإذ كنتم أنتم جالسين على موائدكم الحافلة بأشهى الأطعمة كنت أنا أتضور في مسكني الحقير أو في عرض الشارع . وفي حين كنتم مستريحين في بيوتكم الفخمة لم أكن أنا أجد مكانا أسند إليه رأسي ، وعندما كانت خزائن ملابسكم ملأى بأغلى الحلل وأجمل الثياب كنت أنا محروما من كل شيء . وحين كنتم أنتم تركضون وراء مسراتكم وملذاتكم كنت أنا سجينا ومتروكا. ML 608.1
وعندما جدتم بالقليل من فتات الخبز اليابس على الفقير الذي يتضور جوعا ، وأعطيتم العراة المساكين الثياب الرثة البالية ليستتروا بها ولتقيهم شر الصقيع وزمهرير الشتاء ألم تعلموا أنكم إنما كنتم تقدمونها لرب المجد؟ لقد كنت مدى أيام حياتكم قريبا منكم في شخص أولئك المتألمين المتضايقين . ولكنكم لم تطلبوني ، ولم تريدوا أن تكون لكم شركة معي . لذلك فأنا لا أعرفكم. ML 608.2