مشتهى الأجيال

530/684

أيام نوح

ثم يستطرد المسيح مشيرا إلى حالة العالم عند مجيئه فيقول: “وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضاً مجيء الإنسان. أنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون، إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك، ولم يعملوا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع، كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان” (متى 24 : 37 — 39). إن المسيح لا يورد هنا عصرا ذهبيا زمنيا ، ألف سنة فيها يتأهب الجميع للأبدية . ولكنه يقول لنا إنه كما في أيام نوح كذلك ستكون الحال عندما يأتي ابن الإنسان ثانية. ML 599.3

وكيف كانت الحال في أيام نوح ؟ يقول الكتاب: “ورأى الرب أن شر الإنسان قد كثر في الأرض، وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شرير كل يوم” (تكوين 6 : 5). إن سكان العالم الذين عاشوا قبل الطوفان ارتدوا عن الرب ورفضوا عمل إرادته المقدسة واتبعوا تصوراتهم النجسة وآراءهم الفاسدة . وقد هلكوا بسبب شرورهم . والعالم اليوم يسير على نفس هذا النهج . إنه لا يرينا علامات خادعة عن مجد العصر الذهبي . إن من يتحدون شريعة الله يملأون الأرض شرا كل يوم . فالمراهنات وسباق الخيل والمقامرة والإسراف والأعمال الشهوانية والأهواء الجامحة- كل هذه تملأ العالم بالظلم والاغتصاب بسرعة هائلة . ML 600.1

إن المسيح وهو ينبئ بخراب أورشليم قال: “لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص. ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم. ثم يأتي المنتهى” (متى 24 : 12 — 14). وستتم هذه النبوة مرة ثانية ، فالإثم المستشري في ذلك اليوم يجد له شبيها ومثيلا في هذا الجيل .وكذلك فيما يختص بالتنبؤ عن الكرازة بالإنجيل . فقبل سقوط أورشليم كتب بولس مسوقا بالروح القدس يقول إن الإنجيل قد كرز به “في كل الخليقة التي تحت السماء” (كولوسي 1 : 23) وكذلك الآن قبل مجيء ابن الإنسان ، فالبشارة الأبدية يبشر بها كل الساكنين على الأرض من “كل أمة وقبيلة ولسان وشعب” (رؤيا 14 : 6 و 14). لقد “أقام (الله) يوماً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل” (أعمال 17 : 31). والمسيح يخبرنا متى يأتي ذلك اليوم . إنه لا يقول لنا إن العالم كله سيهتدي إلى الله ، بل: “يكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم. ثم يأتي المنتهى” (متى 24 : 14). إننا بتقديمنا بشارة الملكوت للعالم يكون في مقدورنا التعجيل بمجيء الرب ثانية . لا ينبغي لنا فقط أن ننتظر بل أن نطلب “سرعة مجيء يوم الرب” (2 بطرس 3 : 12). لو كانت كنيسة المسيح قد قامت بعملها المعين عليها من الرب لكان قد تم إنذار العالم كله قبل اليوم ، وكان الرب يسوع قد أتى إلى أرضنا بقوة ومجد كثير. ML 600.2