مشتهى الأجيال
أساس مؤسّس
إن الله في حكمته اللامتناهية قد اختار حجر الأساس ووضعه بنفسه. وقد دعاه “أساس مؤسّساً”. ويمكن لكل سكان العالم أن يلقوا عليه كل أثقالهم وهمومهم . وهو يستطيع أن يصمد لها كلها ، ويمكنهم أن يبنوا عليه بكل اطمئنان . إن المسيح هو “حجر امتحان” (حجر مجرّب) وهو لا يخذل من يتكلون عليه أبدأ . لقد ثبت أمام كل امتحان وتحمل ثقل خطية آدم وخطايا نسله وعظم انتصاره على قوات الشر . لقد حمل كل الأثقال التي ألقاها علية كل الخطاة التائبين . ففي المسيح يجد القلب الخاطئ الراحة ، إذ هو الأساس الركين . وكل من يتخذونه سندا ومعتمدا لهم يستريحون في طمأنينة كاملة. ML 563.1
إن إشعياء يعلن في نبواته أن المسيح حجر صدمة كما أنه أساس مؤسس. إن بطرس الرسول إذ يكتب بوحي الروح القدس يبين بكل وضوح من هم الذين يكون لهم المسيح حجر الأساس ومن هم الذين يصير لهم صخرة عثرة ، فيقول: ML 563.2
“إن كنتم قد ذقتم أن الرب صالح. الذي إذ تأتون إليه، حجراً حياً مرفوضاً من الناس، ولكن مختار من الله كريم، كونوا أنتم أيضاً مبنيين — كحجارة حية — بيتاً روحياً، كهنوتاً مقدّساً، لتقديم ذبائح روحية مقبولة عند الله يسوع المسيح. لذلك يتضمّن أيضاً في الكتاب: هأنذا أضع في صهيون حجر زاوية مختاراً كريماً، والذي يؤمن به لن يخزى. فلكم أنتم الذين تؤمنون الكرامة، وأما للذين لا يطيعون، فالحجر الذي رفضه البناؤون، هو قد صار رأس الزاوية، وحجر صدمة وصخرة عثرة. الذين يعثرون غير طائعين للكلمة، الأمر الذي جعلوا له” (1 بطرس 2 : 3 — 8). ML 563.3
فالذين يؤمنون يصير لهم المسيح أساسا مؤسسا . هؤلاء هم الذين يسقطون على الحجر ويترضضون فالخضوع للمسيح والإيمان به يمثلان هنا. فالسقوط على الحجر والترضض هو التخلي عن برنا الذاتي وتقديم توبتنا عن آثامنا للمسيح وإيماننا بمحبته الغافرة بوداعة الأولاد . وهكذا أيضا يحدث أننا بالإيمان والطاعة نبنى على المسيح كأساسنا. ML 563.4
ويمكن لليهود كما للأمم أن يبنوا على هذا الحجر الحي . هذا هو الأساس الوحيد الذي يمكننا أن نبني عليه بكل اطمئنان . وهو يتسع للجميع ، كما أنه قوي ومتين جدا بحيث يستطيع أن يتحمل ثقل أحمال العالم كله . وبالارتباط بالمسيح الحجر الحي يصير كل من يبنون على هذا الأساس حجارة حية . إن أشخاصا كثيرين بمجهودهم الشخصي يقطعون ويصقلون ويجمّلون ولكنهم لا يستطيعون أن يكونوا “حجارة حية” لعدم ارتباطهم بالمسيح . فبدون هذا الارتباط لا يمكن لإنسان أن يخلص . فما لم تكن حياة المسيح فينا لا نستطيع الصمود أمام عواصف التجارب . إن سلامتنا الأبدية موقوفة على كوننا نبني على الأساس المؤسس . إن كثيرين يبنون اليوم على أسس لم تمتحن . فعندما تهطل الأمطار وتزأر العواصف وتفيض الانهار يسقط بيتهم لأنه غير مؤسس على الصخرة الأزلية ، حجر الزاوية العظيم ، يسوع المسيح. ML 564.1
أما “للذين يعثرون غير طائعين” فالمسيح يصير صخرة عثرة . ولكن “الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار رأس الزاوية”. فالمسيح إذ كان في رسالته الأرضية كالحجر المرفوض احتمل الإهمال والإهانة . قيل عنه: “محتقر ومخذول من الناس، رجل أوجاع ومختبر الحزن، وكمستر عنه وجوهنا، محتقر فلم نعتد به” (إشعياء 53 : 3). ولكن يوم تمجيده كان قريبا . فبقيامته من الأموات سيعلن أنه قد تعين “ابن الله بقوة” (رومية 1 : 4). وفي مجيئه الثاني سيظهر كمن هو رب السماء والأرض . وأولئك الذين كانوا الآن مزمعين أن يصلبوه سيرونه ويعرفونه في بهاء عظمته . وأمام المسكونة كلها يصير هذا الحجر المرفوض رأس الزاوية. ML 564.2