مشتهى الأجيال

490/684

مغارة لصوص

ومرة أخرى يصوب يسوع نظراته الفاحصة الأعماق إلى رواق الهيكل الذي قد تنجس . فاتجهت إليه كل الابصار والتفت إليه الكهنة والرؤساء والفريسيون والأمم ، التفتوا بدهشة وخشوع إلى ذاك الذي وقف أمامهم بجلال عظيم كمن هو ملك السماء . لقد أشرق نور الألوهية من خلال البشرية ، فظهر المسيح بجلال ومجد لم يريا عليه من قبل . وأولئك القريبون منه هربوا بعيدا عنه قدر ما استطاعوا فلم يبق قريبا من يسوع غير القليل من تلاميذه . حدث سكوت تام ولم يستطع الناس الصبر على ذلك الصمت . ثم تكلم المسيح بسلطان عظيم اكتسح الشعب كله كما لو كان عاصفة قوية فقال: “مكتوب : بيتي بيت الصلاة يدعى. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص!” (متى 21 : 13). وقد رن صوته في أرجاء الهيكل كصوت بوق ، وبدا الغضب على محياه كما لو كان نارا آكلة . وبسلطان أمر قائلاً: “ارفعوا هذه من ههنا!” (يوحنا 2 : 16). ML 554.3

قبل ذلك بثلاث سنين خجل نظار الهيكل لأنهم هربوا أمام أمر يسوع . ومنذ ذلك الحين كانوا مندهشين من مخاوفهم وطاعتهم الناجزة بدون تردد أو سؤال لذلك الإنسان الواحد الوضيع . وكانوا يحسون أن خضوعهم الحقير الذليل لن يتكرر . ولكن ها نحن نراهم الآن أشد رعبا وهلعا مما كانوا قبلا وأسرع في إطاعة أمره مما فعلوا أول مرة . ولم يكن هنالك من يجرؤ على أن يتساءل عن سلطانه أو يشك فيه . وقد هرب الكهنة والتجار من حضرته وهم يسوقون ماشيتهم أمامهم. ML 555.1

وإذ كانوا يهربون خارجين من الهيكل التقوا جمعا من الناس جاءوا بمرضاهم وهم يسألون أين يجدون يسوع الشافي العظيم . فكان الجواب الذي سمعوه من أولئك الهاربين سببا في رجوع بعض ممن قد جاءوا يطلبونه ، إذ خافوا من مقابلة ذاك الذي كان قويا وعظيما بهذا المقدار بحيث أن مجرد نظرته طردت الكهنة والرؤساء من حضرته . ولكن عددا كبيرا منهم اندفعوا يشقون لأنفسهم طريقا في وسط ذلك الجمع المندفع إلى الخارج وهم متلهفون للوصول إلى ذاك الذي هو رجاؤهم الوحيد . وعندما هربت الجموع بقي آخرون كثيرون في الهيكل فانضم إليهم الآن أولئك القادمين ، فامتلأ رواق الهيكل مرة أخرى بالمرضى والمحتضرين فخدمهم يسوع. ML 555.2