مشتهى الأجيال
يختارون الظلمة بدل النور
إن بني إسرائيل المرتدين قد أبغضوا أنبياء الله الذين عن طريقهم انكشفت خطايا الشعب الخفية أمام النور . فأخاب اعتبر إيليا عدوا له لأن ذلك النبي كان أمينا في توبيخه للملك على آثام قلبه الخفية . وهكذا نجد هذه الأيام أن خادم المسيح الذي يوبخ الناس على الخطية يعامل بالاحتقار والطرد . إن الحق المعلن في الكتاب وديانة المسيح يتصارعان مع تيار الفساد الأدبي الجارف . ثم إن التعصب السائد على قلوب الناس الآن هو أقوى مما كان في أيام المسيح . إن السيد لم يحقق انتظارات الناس . فقد كانت حياته توبيخا لخطاياهم فرفضوه . وكذلك نجد اليوم أن الحق المعلن في كلمة الله لا ينسجم مع أعمال الناس وأميالهم الطبيعية ، ولهذا نجد آلافا من الناس يرفضون نوره . إن الناس الذين يستفزهم الشيطان يلقون ظلال الشكوك على كلمة الله فيفضلون الاستقلال بأفكارهم الخاصة وحكمهم وحده . يختارون الظلمة ويرفضون النور ولكنهم إذ يفعلون ذلك يجازفون بأرواحهم . إن أولئك الذين لجأوا إلى المماحكة عندما سمعوا أقوال المسيح الصريحة وجدوا كثيرا من أسباب المماحكات بعد ذلك إلى أن ارتدوا عن الحق والحياة . وكذلك هي الحال في يومنا الحاضر ، فالله لا يقصد أن يزيل كل اعتراض يمكن أن يقدمه القلب الطبيعي ضد حقه تعالى . إن من يرفضون أشعة النور الثمين الذي يمكن أن يبدد الظلمات ستظل أسرار كلمة الله مستغلقة عليهم إلى الأبد . فإذ يخفى الحق عنهم يتلمسون طريقهم كالعميان ولا يدرون شيئا عن الهلاك الذي يربض في طريقهم. ML 551.1
لقد أطل المسيح على العالم في كل الأجيال من أعالي جبل الزيتون ، وكلامه ينطبق على كل نفس تستهين بتوسلات الرحمة الإلهية . فيا من تحتقر محبته إنه يخاطبك اليوم . فأنت أنت الذي ينبغي لك أن تعلم ما هو لسلامك . إن المسيح يسكب الدموع الغزيرة لأجلك أنت الذي قد جفت الدموع من مآقيك فما عدت تبكي على شقائك . إن قساوة القلب المميتة التي أهلكت جماعة الفريسيين قد نمت وترعرعت في قلبك . وكل دليل على نعمة الله وكل بصيص من أشعة نوره إما أن تكون عاملة على تليين القلب وإخضاعه أو تثبته في تمرده وعصيانه الميئوس منه . ML 551.2
لقد سبق المسيح فرأى أن أورشليم ستظل سادرة في صلابتها وتحجر قلبهما ، ومع ذلك فإن كل إثمها وكل عواقب رفضها للرحمة الإلهية كانت رابضة عند بابها . وكذلك ستكون الحال مع كل من يسيرون في نفس ذلك الطريق الوعر . إن الرب يعلن قائلا: “هلاكك منك يا إسرائيل” (هوشع 13 : 9)، “اسمعي أيتها الأرض: هأنذا جالب شراً على هذا الشعب ثمر أفكارهم، لأنهم لم يصغوا لكلامي، وشريعتي رفضوها” (هوشع 13 : 9 ؛ إرميا 6 : 19). ML 552.1