مشتهى الأجيال
نقاش مع المعلمين
فجعل أولئك المعلمون يمطرونه بأسئلتهم ، وقد ذهلوا من فهمه وأجوبته. فبوداعة الطفولة وبراءتها تلا عليهم أقوال الكتاب مضفيا عليها معنى عميقا لم يكن أولئك العلماء يدركونه من قبل . فلو عمل الناس بتلك الأقوال واتبعوا الحق الذي أعلنه لأحدث ذلك إصلاحا عظيما في ديانة الناس في تلك الأيام ، ولنشأ في أعماق النفوس اهتمام عظيم بالأمور الروحية ، وكان الناس يتأهبون لقبول المسيح عندما يبدأ خدمته. ML 65.1
لقد كان أولئك المعلمون يعلمون أن يسوع لم يتلقَّ علومه في مدارسهم ، ومع ذلك فإن فهمه للنبوات فاق فهمهم إلى حد بعيد . لقد رأوا في هذا الصبي الجليلي المفكر ما يبشر بمستقبل باهر . وكانوا يتوقون إلى أن يتتلمذ لهم حتى يصير معلما في إسرائيل ، وكانوا يريدون أن يتولوا أمر تعليمه إذ كانوا يحسون أن هذا الذهن الخصب المبتكر ينبغي أن يشكلوه بأنفسهم ويتولوا تثقيفه. ML 65.2
لقد أثر كلام المسيح في قلوبهم تأثيرا لم يحسوا به لدى سماع أي إنسان آخر. أراد الله أن يمنح نوره لمعلمي إسرائيل أولئك فاستخدم الوسيلة الوحيدة التي لم يكن يمكن الوصول إليهم بأية وسيلة سواها . إنهم في كبريائهم كانوا يترفعون عن الاعتراف بقبول التعليم من أي إنسان . فلو بدا من يسوع أنه يحاول أن يعلمهم لكانوا يترفعون عن الاستماع لكلامه . ولكنهم كانوا يخدعون أنفسهم بأنهم هم الذين يعلمونه ، أو على الأقل يختبرون درايته بالكتاب المقدس . ولكن احتشام الفتى يسوع والنعمة المعطاة له جردت أولئك الرؤساء من تعصبهم . وبدون أن يشعروا انفتحت أذهانهم لكلمة الله وكلم الروح القدس قلوبهم. ML 65.3
ولم يسعهم إلاّ أن يروا أن انتظارهم الخاص بمسيا لا سند له في النبوات ، ولكنهم لم يريدوا التخلي عن النظريات التي كانوا يغذون بها طموحهم. لم يريدوا التسليم بحقيقة كونهم قد أساءوا فهم الأسفار المقدسة التي ادعوا تعليمها ، وقد جعلوا يتناقلون فيما بينهم هذا السؤال قائلين: “ كيف تسنى لهذا الصبي أن يعرف كل هذا وهو لم يتعلم؟ لقد كان النُّورُ يضيءُ في الظُّلْمة ، وَالظُّلْمةُ لَم تُدرِكْه” (يوحنا 1 : 5). ML 65.4