مشتهى الأجيال
يسوع في الهيكل
ولأول مرة نظر الصبي يسوع الهيكل ، فرأى الكهنة في ثيابهم البيضاء يمارسون خدمتهم الجليلة. كما رأى الذبائح التي تقطر منها الدماء تقدم على مذبح المحرقة . وقد جثا للصلاة مع العابدين في حين كان البخور يصعد أمام الله . وكان يرى الطقوس المؤثرة لخدمة الفصح . وبمرور الأيام اتضح له معنى تلك الطقوس . وبدا كأن كل عمل مرتبط بحياته ، فاعتملت في نفسه بواعث جديدة . وإذ كان صامتا وغارقا في تفكره بدا كأنه يفكر في مسألة عويصة ، حيث بدأ جلال رسالة المخلص ينكشف أمامه. ML 64.1
وإذ كان مستغرقا في التأمل في تلك المناظر لم يبقَ إلى جوار أبويه. فطلب الانفراد بنفسه ، فلما انتهت خدمات الفصح كان هو لا يزال يتمشى في أروقة الهيكل ، وعندما رحل العابدون عن أورشليم عائدين إلى بلادهم تخلف هو عنهم. ML 64.2
رغب أبوا يسوع أن يجعلاه يجتمع بمعلمي إسرائيل العظام في أثناء تلك الزيارة ، ومع أنه كان مطيعا لكلمة الله في كل كبيرة وصغيرة ، فلم يكن يخضع لطقوس معلمي اليهود وعاداتهم. أما يوسف ومريم فكانا يأملان أنه سيحترم أولئك العلماء ويجتهد في الالتفات إلى مطاليبهم . غير أن يسوع وهو في الهيكل كان قد تعلم من الله ، فشرع لتوه في إبلاغ الناس ما قد تعلمه وأخذه. ML 64.3
وفي ذلك الوقت خصصت حجرة ملحقة بالهيكل لتكون مدرسة مقدسة على مثال مدارس الأنبياء ، فكان يجتمع فيها معلمو الناموس المتقدمون مع تلاميذهم ، وإلى هذا المكان أتى يسوع. فإذ جلس عند أقدام هؤلاء العلماء الموقرين جعل يصغي إلى تعاليمهم . وكمن يطلب الحكمة سأل هؤلاء المعلمين عن النبوات وعن الحوادث الجارية حينئذ التي تشير إلى مجيء مسيا. ML 64.4
قدم يسوع نفسه إليهم كمن هو متعطش لمعرفة الله. وقد نبهتهم أسئلته ووجهت التفاتهم إلى الحقائق العميقة التي كانت قد أخفيت عن الناس أمدا طويلا ، ولكنها كانت مع ذلك حيوية لخلاص النفوس . وكل تلك الأسئلة في حين أنها برهنت على قصر باع حكمة أولئك الحكماء وسطحيتها فقد بسط كل سؤال منها أمامهم درسا إلهيا وعرضت أمامهم الحق في هيئة جديدة ونور جديد. لقد تحدث أولئك المعلمون عن الرفعة العجيبة التي سيحققها مجيء مسيا للأمة اليهودية . ولكن يسوع أورد لهم نبوة إشعياء وسألهم عن معنى النبوات التي تشير إلى آلام حمل الله وموته. ML 64.5