مشتهى الأجيال
الفصل الثامن—زيارة عيد الفصح
كان اليهود يعتقدون أن سن الثانية عشرة هي الحد الفاصل بين الصبا والشباب. ففي ختام هذه الفترة من العمر كان الصبي العبراني يسمى ابن الشريعة وابناً لله كذلك . وكانت تعطى له فرصة خاصة لتعلُّم الدين ، كما كان يطلب منه الاشتراك في الأعياد والفرائض المقدسة . واتباعا لهذا العرف قام يسوع بزيارة فصحية لأورشليم في صباه . وكان يوسف ومريم كغيرهما من الإسرائيليين الأتقياء يصعدان إلى أورشليم كل سنة لممارسة الفصح ، ولما بلغ يسوع السن القانونية أخذاه معهما. ML 62.1
كانت هنالك ثلاثة أعياد سنوية وهي عيد الفصح وعيد الخمسين وعيد المظال. وكان على كل رجال إسرائيل أن يظهروا أمام الرب في أورشليم في تلك الأعياد . وكان الذين يحضرون في عيد الفصح أكثر عددا ممن يحضرون في العيدين الآخرين . وكان كثيرون من اليهود المشتتين في البلدان كافة يحضرون في هذا العيد . فكانت جماهير غفيرة من العابدين تأتي إلى العيد من كل أنحاء فلسطين . وقد كان السفر من الجليل إلى أورشليم يستغرق عدة أيام .وكان المسافرون يسيرون معا جماعات كبيرة طلبا للرفقة والأمان . وكانت النساء والشيوخ يمتطون ظهور الثيران والحمير لعبور الطرق الصخرية المنحدرة. أما الرجال الأشداء والشباب فكانوا يسافرون سيرا على الأقدام . وكان عيد الفصح يجيء في الفترة ما بين أواخر ٧ آذار (مارس) وأوائل نيسان (إبريل) حين تكون الأرض كلها مكتسية حلة بديعة من الأزهار وزنابق الحقل وحين كانت الأطيار ترتل أناشيدها العذبة . وعلى طول الطريق كانت ترى أماكن تذكارية في تاريخ إسرائيل . فكان الآباء والأمهات يسردون على مسامع أولادهم العجائب التي أجراها الله مع شعبه في العصور الغابرة . وكانوا يقطعون الوقت في أثناء سيرهم بالتسبيح والعزف . وعندما كانت تبدو لأنظارهم أخيرا مدينة أورشليم بأبراجها كانت كل الأصوات تتحد في إنشاد ترنيمة الظفر قائلة: “تَقفُ أَرْجلنَا في أَبوابِك يا أُورُشَليم ... لِيكُن سلاَمٌ في أَبراجِك ، رَاحةٌ في قُصورِكِ” (مزمزر 122 : 2 — 7). ML 62.2