مشتهى الأجيال

445/684

“لو كنت ههنا”

وإذ سأل المخلص مرثا قائلا: “أتؤمنين بهذا؟”، أجابته بقولها: “نعم يا سيّد. أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم” (يوحنا 11 : 27). إنها وإن تكن لم تدرك كلام المسيح بكامل معناه فقد اعترفت بإيمانها بألوهيته وثقتها بقدرته على أن يتمم كل ما يريد أن يصنعه. ML 500.4

“ولما قالت هذا مضت ودعت مريم أختها سراً، قائلة: المعلّم قد حضر، وهو يدعوك” (يوحنا 11 : 28). لقد أبلغتها هذه الرسالة بسرية تامة وبكل هدوء معبر لأن الكهنة والرؤساء كانوا متأهبين للقبض على يسوع حالما تسنح الفرصة . وقد حال صراح النائحات دون سماع الناس لكلامها . ML 501.1

عندما سمعت مريم تلك الرسالة قامت سريعا وتركت الغرفة وقد ارتسمت على وجهها أمارات الاشتياق . وإذ ظنت النادبات أنها ذاهبة إلى القبر لتبكي هناك تبعنها . وحينما وصلت إلى المكان الذي كان يسوع منتظرا فيه خرت عند رجليه ثم انفرجت شفتاها المرتعشتان من فرط الانفعال عن هذا القول: “يا سيد، لو كنت ههنا لم يمت أخي!” (يوحنا 11 : 32). لقد كانت صرخات النائحات مؤلمة لقلبها ، لأنها كانت تتوق إلى أن تتحدث مع يسوع حديثا قصيرا هادئا وحدها . ولكنها كانت تعلم الحسد والغيرة اللذين كانا رابضين في قلوب بعض أولئك الناس الموجودين هناك ضد المسيح . ولذلك ضبطت شعورها ولم تعبر عن حزنها تعبيرا كاملا. ML 501.2

“فلما رآها يسوع تبكي، واليهود الذين جاءوا معها يبكون، انزعج بالروح واضطرب” (يوحنا 11 : 33). لقد عرف قلوب كل أولئك المجتمعين ، وعرف أن كثيرين ممن كان يبدو على وجوههم الحزن كان كل ذلك مجرد تظاهر وادعاء . كما عرف أن بين ذلك الجمع بعض من كانوا يتظاهرون بحزن ريائي بينما كانوا يدبرون الخطط للقضاء على صانع المعجزات العظيم ، وليس إياه فقط بل كانوا سيخططون أيضا لقتل ذاك الذي هو مزمع أن يقيمه من الأموات . كان المسيح قادرا على أن يجردهم من ثوب الرياء الذي كانوا يستترون به ، رداء الحزن الزائف المتصنع . ولكنه كظم غضبه العادل . والكلام الذي كان يستطيع أن ينطق به بكل صدق ويقين لم يتفوه به تقديرا لعواطف تلك المحبوبة الجاثية عند قدميه في حزن وانسحاق وهي مؤمنة به إيمانا حقيقيا. ML 501.3