مشتهى الأجيال
قارئ القلوب
فشخص المسيح في وجه ذلك الشاب كأنما يقرأ تاريخ حياته ويفحص أخلاقه . وقد أحبه ، وكان يتوق إلى أن يمنحه السلام والنعمة والفرح الذي يغير خلقه تغييرا جوهريا فقال له: “يعوزك شيء واحد: إذهب بع كل ما لك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني حاملاً الصليب” (مرقس 10 : 21). ML 489.1
لقد انجذب قلب المسيح إلى ذلك الشاب . عرف أنه كان مخلصا حين قال: “هذه كلها حفظتها منذ حداثتي” (مرقس 10 : 20). وتاق الفادي إلى أن يخلق في نفس الشاب بصيرة روحية تجعله قادرا على أن يرى ضرورة التعبد القلبي ولزوم الصلاح المسيحي .اشتاق إلى أن يرى فيه قلبا متواضعا منسحقا يحس بوجوب تقديم المحبة العظمى لله ، وقلبا يخفي نقائصه في كمالات المسيح. ML 489.2
إن يسوع رأى في هذا الشاب الرئيس نفس المعونة التي يحتاجها الفادي لو أراد الشاب أن يصير عاملا معه في خدمة الخلاص . فلو رغب في أن يضع نفسه تحت إرشاد المسيح فسيصير قوة للغير . وبدرجة ممتازة كان يمكن لهذا الرئيس أن يكون نائبا عن المسيح لأنه كانت عنده مؤهلات ، لو ارتبط بالمخلص ، كان يمكن أن تُصيره قوة إلهية بين الناس . وإذ نظر يسوع خلقه أحبه . لقد بدأت المحبة للمسيح تستيقظ في نفس ذلك الرئيس لأن المحبة تلد محبة . واشتاق المسيح إلى أن يراه عاملا معه وإلى أن يجعله نظير نفسه مرآة تنعكس عليها صورة الله . اشتاق إلى أن ينمي جمال خلقه ويكرسه لخدمة السيد . فلو سلم ذلك الرئيس نفسه للمسيح وقتئذ لنما وترعرع في جو حضوره . ولو أنه اختار هذا النهج فكم كان مستقبله يختلف عما صار إليه ! ML 489.3
قال له يسوع: “يعوزك شيء واحد”. “إن أردت أن تكون كاملاً فإذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال اتبعني” (مرقس 10 : 21 ؛ متى 19 : 20). لقد قرأ المسيح مكنونات قلب ذلك الرئيس . كان يعوزه شيء واحد ولكن ذلك الشيء الواحد كان أمرا جوهريا . كان بحاجة إلى محبه الله في نفسه . وما لم تسد تلك الحاجة فقد يكون ذلك علة هلاكه . وقد تفسد كل طبيعته ، إذ بالإفراط تتقوى الأنانية . فلكي يحصل على محبة الله ينبغي إخماد حبه العظيم لنفسه. ML 489.4