مشتهى الأجيال

424/684

تعزية للحزانى

إن المسيح قد قرن مصالحه بمصالح بني الإنسان وهو يطلب أن نتَّحد به ونتعاون معه لأجل خلاص الناس . وهو يقول: “مجاناً أخذتم، مجاناً أعطوا” (متى 10 : 8). إن الخطية هي أعظم الشرور . وواجبنا يقتضينا أن نعطف على الخاطئ ونقدم له العون. كثيرون يخطئون ويحسون بعارهم وجهالتهم وهم جياع إلى كلمات التشجيع ، ومتحسرون على غلطاتهم وأخطائهم ويتأملون في هفواتهم تلك حتى يكادوا يجرفوا إلى حدود اليأس ، فعلينا ألاّ نهمل هذه النفوس . فإذا كنا مسيحيين حقا فلا يمكننا أن نجوز مقابلهم مبتعدين على قدر الإمكان عن أولئك الذين هم في أشد الحاجة إلى معونتنا . عندما نرى الناس يقاسون أهوال الضيق سواء من جراء الآلام والتجارب أو من جراء الخطية فلا يقل أحدنا: “هذا لا يعنيني”. ML 475.4

“فأصلحوا أنتم الروحانيين مثل هذا بروح الوداعة” (غلاطية 6 : 1). فبالإيمان والصلاة صدوا قوة العدو ، وتكلموا بكلام الإيمان والتشجيع الذي هو بلسان يشفي جراح المنسحقين والجرحى . لقد أعيا كثيرون وضعفت شجاعتهم في صراع الحياة العظيم بينما كان يمكن أن مجرد كلمة مبهجة مشجعة تقال في رفق ومحبة تعينهم على الانتصار . ينبغي ألاّ نمر على إنسان يتألم دون أن نقدم له التعزية التي نتعزى نحن بها من الله. ML 476.1

وكل هذا إن هو إلاّ إتمام لمبدإ الشريعة- المبدإ الذي يصوره لنا السيد في مثل السامري الصالح والذي ظهر في حياة يسوع . إن خلقه يعلن لنا حقيقة معنى الناموس ويرينا معنى كوننا نحب قريبنا كأنفسنا . وعندما يظهر أولاد الله الرحمة والرفق والمحبة نحو جميع الناس فهم أيضاً يشهدون لصفة شريعة السماء ، ويشهدون للحقيقة القائلة: “ناموس الرب كامل يرد النفس” (مزمور 19 : 7). فالذي يخفق في إظهار هذه المحبة هو كاسر للناموس الذي يعترف بأنه يحترمه ويوقره . لأن الروح التي نظهرها نحو إخوتنا تعلن عن ما هي روحنا نحو الله . إن محبة الله في القلب هى نبع المحبة الوحيد نحو القريب “إن قال أحد: إني أحب الله، وأبغض أخاه، فهو كاذب. لأن من لا يحب أخاه الذي أبصره، كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره؟”، “إن أحب بعضنا بعضاً، فالله يثبت فينا، ومحبته قد تكملت فينا” (1 يوحنا 4 : 20، 21). ML 476.2