مشتهى الأجيال
“أحبّوا الغريب”
إن ملائكة السماء يتطلعون إلى آلام كل فرد من أفراد أسرة الله على الأرض وهم على تمام الأهبة للتعاون مع الناس في التخفيف من آلام المتألمين والظلم الواقع عليهم . إن الله في عنايته قد أتى بالكاهن واللاوي في الطريق الذي كان الرجل الجريح ملقى على قارعته حتى يريا حاجته إلى الرحمة والمعونة . وقد تطلع كل سكان السماء ليروا هل كان ذانك الرجلان سيتأثران بالعطف والإشفاق على آلام البشر وبلاياهم . كان المخلص هو الذي علم العبرانيين في البرية . فمن عمود السحاب والنار علمهم درسا يختلف اختلافا بينا عما كان الشعب الآن يتعلمه من الكهنة والمعلمين . إن تعاليم الناموس الرحيمة تناولت حتى الحيوانات الدنيا التي لا تستطيع أن تعبر بالكلام عن حاجاتها وآلامها . وهذه التعليمات هي التي قد تلقاها موسى من الله ليبلغها لبني إسرائيل: “إذا صادفت ثور عدوك أو حماره شارداً، تردّه إليه. إذا رأيت حمار مبغضك واقعاً تحت حمله وعدلت عن حلّه، فلا بد أن تحل معه” (خروج 32، 4، 5). ولكن يسوع قدم في شخص الرجل الذي وقع بين اللصوص فأثخنوه بالجراح أخا يتألم . فكم كان يجب أن يتأثر قلب كل من الكاهن واللاوي إشفاقا عليه وحنانا أكثر مما على حيوان أو دابة من حاملات الأثقال! لقد قدمت للشعب الرسالة بواسطة موسى تقول: “الإله العظيم الجبار المهيب”، “الصانع حق اليتيم والأرملة، والمحب الغريب” ولذلك أمر قائلاً “فأحبّوا الغريب”، “تحبه كنفسك” (تثنية 10 : 17 — 19 ؛ لاويين 19 : 34). ML 473.1
قال أيوب: “غريب لم يبت في الخراج. فتحت للمسافر أبوابي”. وعندما أتى الملاكان إلى سدوم في هيئة بشرية سجد لهما لوط بوجهه إلى الأرض وقال: “يا سيدي، ميلا إلى بيت عبدكما وبيتا” (أيوب 31 : 32 ؛ تكوين 19 : 2). كان الكاهن واللاوي يعلمان هذا كله ولكنهما لم يمارساه عمليا . فحيث أنهما تعلما في مدرسة التعصب القومي صارا أنانيين متزمتين ومنعزلين . وإذ نظرا إلى ذلك الجريح لم يكونا متحققين ما إذا كان من أمة اليهود أم من شعب آخر ، وإذ ظنا أنه ربما كون سامريا انصرفا عنه. ML 473.2
لم ير ذلك الناموسي في عمل ذينك الرجلين كما قد وصفه المسيح شيئا مناقضا لما كان قد تعلمه عن مطاليب الناموس . ولكن جاء بعد ذلك مشهد آخر. ML 473.3