مشتهى الأجيال
الفصل الثالث والخمسون—الرحيل عن الجليل لآخر مرة
حدث تغيير في الأسلوب الذي اتبعه المسيح في العمل عندما أوشكت خدمته على الانتهاء . كان إلى ذلك الحين يتجنب الدعاية والشهرة . لقد رفض الولاء الذي قدمه له الشعب وكان ينتقل بسرعة من مكان إلى آخر عندما التهبت قلوب الشعب حماسة له بحيث لم يستطيعوا السيطرة على عواطفهم . ومرارا كثيرة كان يأمر الناس أ ّ لا يعلنوا عنه أنه هو المسيح. ML 459.1
عندما حل ميعاد عيد المظال سافر إلى أورشليم بسرعة وبدون أن يعلم أحد . وحين ألح عليه إخوته أن يعلن على رؤوس الملإ أنه مسيا أجابهم قائلا: “إن وقتي لم يحضر بعد” (يوحنا 7 : 6) سافر إلى أورشليم دون أن يلاحظ الناس ذلك ، ودخل المدينة دون أن يعلن أحد خبر قدومه ودون أن يقدم له الشعب الإكرام اللائق به . ولكن رحلته الأخيرة كانت تختلف عن سابقاتها . لقد ترك أورشليم بعض الوقت بسبب حقد الكهنة . أما الآن فها هو يعود بطريقة أشد ما تكون علنية جهارية سائرا في طريق دائري ، يتقدمه رسل ليعلنوا عن مجيئه ، الأمر الذي لم يسبق له أن فعله . كان يتقدم إلى مشهد كفارته العظيم الذي كان ينبغي أن تتجه إليه انظار الناس جميعهم. ML 459.2
“وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان” (يوحنا 3 : 14). فكما اتجهت أنظار كل شعب إسرائيل إلى الحية المرفوعة التي كانت هي الرمز المعين من الله لشفائهم ، كذلك ينبغي أن تتجه كل الأنظار إلى المسيح الذي هو الذبيحة التي أتت بالخلاص للعالم الهالك. ML 459.3
إن ما دعا إخوة يسوع إلى أن يلحوا عليه في إعلان نفسه للناس في عيد المظال كان فهمهم المخطئ لعمل مسيا وعدم إيمانهم بألوهيته . وفي روح قريبة الشبه بهذه حاول التلاميذ منع السيد من السفر إلى أورشليم . لقد ذكروا كلامه الذي قاله عما سيحدث له هناك ، وعرفوا العداء الرهيب الذي يضمره له الرؤساء الدينيون ولذلك حاولوا إقناعه بالعدول عن السفر إلى هناك. ML 459.4