مشتهى الأجيال

400/684

“والآن أبصر”

لم يبق أمام الفريسيين غير أمل واحد وهو إلقاء الرعب في قلب أبوي ذلك الشاب .فبإخلاص مصطنع سألوهما قائلين: “فكيف يبصر الآن؟” وكان ذانك الأبوان يخشيان من تعريض نفسيهما للخطر ، لأنه قد أُعلن أنه إن اعترف أحد بيسوع المسيح “يخرج من المجمع” أي يطرد من المجمع لمدة ثلاثين يوما . وفي خلال مدة العقوبة هذه لم يكن يسمح بختان طفل أو النوح على ميت في بيت الشخص المذنب . وكان هذا الحكم معتبرا كارثة عظيمة . وإذا لم ينتج عنه رجوع أو توبة فستتلوه عقوبة أعظم جدا . إن المعجزة التي حدثت لذلك الأعمى أقنعت أبويه ، ولكنهما مع ذلك أجابا قائلين: “نعلم أن هذا ابننا، وأنه ولد أعمى. وأما كيف يبصر الآن فلا نعلم. أو من فتح عينيه فلا نعلم. هو كامل السن. اسألوه فهو يتكلم عن نفسه” (يوحنا 9 : 20 و 21). لقد تملصا من المسؤولية وألقياها كلها على ابنهما لأنهما لم يجسرا على الاعتراف بالمسيح. ML 448.2

إن الورطة التي وقع فيها جماعة الفريسيين وتشككهم وتعصبهم وعدم إيمانهم بالحقائق الواضحة في تلك القضية ، كل ذلك فتح عيون جماهير الشعب وعلى الخصوص عامتهم . إن يسوع كثيرا ما كان يصنع عجائبه علنا في الشوارع ، وكانت دوما لتخفيف آلام المتألمين . والسؤال الذي كان ماثلا في أذهان كثيرين هو هذا: هل يمكن أن صنع الله هذه المعجزات والقوات على يدي إنسان محتال كما أصر الفريسيون في اعتقادهم عن يسوع؟ وقد بدأت الحرب تشتد ويحمى وطيسها بين الفريقين . ML 448.3

رأى الفريسيون أنهم بتصرفهم كانوا يروجون للعمل الذي عمله يسوع . إنهم لم يستطيعوا إنكار المعجزة . لقد كان قلب الأعمى مفعما بالفرح وفائضا بالشكر . ها هو الآن يرى لأول مره عجائب الطبيعة فيمتلئ قلبه سرورا وهو يرى جمال الأرض والسماء . وها هو بكل حرية يحكي اختباره . وهنا يحاول الرؤساء مرة أخرى أن يسكتوه بقولهم له: “أعط مجداً لله. نحن نعلم أن هذا الإنسان خاطئ” (يوحنا 9 : 17). وكأنما هم يقولون له: لا تعد تقول أن هذا الإنسان قد منحك البصر ، فإن الله هو الذي فعل ذلك. ML 449.1

فأجابهم الأعمى قائلا: “أخاطئ هو؟ لست أعلم. إنما أعلم شيئاً واحداً: أني كنت أعمى والآن أبصر” (يوحنا 9 : 25). ML 449.2