مشتهى الأجيال

389/684

امرأة أمسكت في الخطية

ولكنه سرعان ما قوطع . ذلك أن جماعة من الفريسيين والكتبة اقتربوا إليه وهم يسحبون امرأة مرتعبة وبأصوات محمومة قاسية راحوا يتهمونها بتعدي الوصية السابعة .فإذ دفعوها إلى أمام يسوع قالوا له باحترام تصنعي ريائي: “موسى في الناموس أوصانا أن مثل هذه ترجم. فماذا تقول أنت؟” (يوحنا 8 : 5). ML 435.2

إن احترامهم التصنعي له كان يخفي وراءه مؤامرة جد خبيثة للقضاء عليه . لقد انتهزوا هذه الفرصة لكي يحصلوا على حكم بإدانة المسيح إذ ظنوا أنه مهما يكن قراره فسيجدون مجالا لاتهامه . فإذا أطلق سراح تلك المرأة فسيتهم باحتقار شريعة موسى ، أما إذا أعلن أنها تستحق الموت فسيقدمون في حقه شكوى إلى الرومان مفادها أنه ينتحل لنفسه سلطانا هو من حقهم وحدهم. ML 435.3

ولمدى لحظة تطلع يسوع إلى ذلك المنظر- إلى تلك الضحية المرتعبة وهي مجللة بعارها ، وإلى أولئك الرؤساء الصارمي الوجوه والنظرات ، الذين خلت قلوبهم حتى من الشفقة الإنسانية، فانكمشت روحه الكلية الطهارة من ذلك المنظر . لقد عرف جيدا الغرض الحقيقي الذي حداهم على أن يعرضوا عليه هذه القضية . لقد عرف ما في القلوب كما عرف أخلاق وتاريخ حياة كل واحد من أولئك الماثلين أمامه . إن هؤلاء الأدعياء الذين يتشدقون قائلين إنهم حماة العدالة هم أنفسهم الذين ساقوا فريستهم هذه لارتكاب الخطية لكي يمكنهم أن ينصبوا شركا ليسوع . وإذ لم يبد منه ما يدل على أنه قد سمع سؤالهم انحنى وثبت عينيه على الأرض وجعل يكتب في التراب. ML 435.4

وإذ نفد صبرهم من تأخره وعدم اكتراثه الظاهري اقترب منه أولئك المشتكون وألحوا عليه في الالتفات إلى الأمر . ولكن حالما راقبت عينهم عيني يسوع نظروا إلى الأرض عند قدميه وتغيرت ملامح وجوههم . فلقد رأوا أمامهم أسرار حياتهم الآثمة مسطورة ML 435.5

الأرض . وقد رأى الشعب المراقب التبدل الذي ظهر على وجوه أولئك الرؤساء وتزاحموا ليروا ما هو ذلك الشيء الذي كانوا ينظرونه في دهشة وخجل. ML 436.1

إن هؤلاء المعلمين مع كل ادعائهم بحفظ الناموس واحترامه فإنهم إذ قدموا تلك التهمة ضد المرأة كانوا يحتقرون نصوص الناموس . إن زوج تلك المرأة هو الذي كان عليه أن يتخذ تلك الإجراءات ضدها وكان يجب معاقبة الفريقين المذنبين بالتساوي . ولكن عمل أولئك المشتكين كان كله غير مشروع . ومع ذلك قابلهم يسوع في ميدانهم . لقد نصت الشريعة على أنه في عقوبة الرجم كان على الشهود في القضية أن يكونوا أول من يرمون المتهم بحجر . فلما انتصب يسوع ثبت عينيه في أولئك الشيوخ المتآمرين وقال لهم: “من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بأول حجر!” (يوحنا 8 : 7). ثم انحنى إلى أسفل واستمر يكتب على الأرض. ML 436.2

إنه لم يغفل الناموس ولا ألقى بتلك الشريعة المعطاة بواسطة موسى جانبا ، كلا ولا تعدى سلطان روما . انهزم أولئك المشتكون ، والآن إذ تمزق رداء قداستهم المتصنعة وقفوا مذنبين ومحكوما عليهم في حضرة الطهارة الكاملة . لقد ارتعبوا خشية أن تنكشف آثامهم المستورة عن العيون أمام جمهور الشعب فتسللوا واحدا فواحدا مطأطئي الرؤوس وخافضي العيون تاركين ضحيتهم أمام المخلص الرحيم. ML 436.3