مشتهى الأجيال
الفصل الخمسون—هزيمة المتآمرين
إن يسوع طوال أيام وجوره في أورشليم في العيد كان الجواسيس يتعقبونه . ويوما بعد يوم كانت المؤامرات تحاك ضده بقصد إسكاته . كان الكهنة والرؤساء يراقبونه ليصطادوه. وكانت خطتهم هي منعه بالقوة ، ولكن تلك القوة لم تقتصر على هذا ، فلقد أرادوا إذلال هذا المعلم الجليلي وتحقيره أمام الشعب. ML 429.1
ففي أول يوم حضر فيه يسوع إلى العيد أتاه الرؤساء وسألوه بأي سلطان كان يعلم ، حيث أرادوا تحويل انتباه الناس عنه إلى السؤال عن حقه في التعليم ، وهكذا يوجهون الناس إليهم وإلى مكانتهم وسلطانهم. ML 429.2
فقال لهم يسوع: “تعليمي ليس لي بل للذي أرسلني. إن شاء أحد أن يعمل مشيئته يعرف التعليم، هل هو من الله، أم أتكلّم أنا من نفسي” (يوحنا 7 : 16 و 17). لقد واجه يسوع سؤال هؤلاء المماحكين ليس بالإجابة على تلك المماحكة بل بتقديم الحق الذي هو حيوي لخلاص النفس . قال لهم إن فهم الحق وتقديره لا يتوقف كله على العقل بل بالأكثر على القلب . ينبغي قبول الحق في النفس فهو يتطلب ولاء الإرادة . فلو أمكن إخضاع الحق للحقل وحده فلن تقف الكبرياء عائقا في طريق قبوله . بل ينبغي قبوله بواسطة عمل النعمة في القلب ، وقبوله يتوقف على نبذ كل خطية يكشفها روح الله للإنسان . إن مزايا قبول معرفة الحق مهما تكن عظيمة سيتبرهن عدم نفعها ما لم يفتح القلب لقبول الحق وما لم يكن هنالك تصميم حقيقي ، كما يتطلب الضمير الحي ، على التخلص من كل عادة وعمل مضاد لمبادئ الحق . فالذين يخضعون ذواتهم هكذا لله والذين عندهم رغبة مخلصة لمعرفة إرادته والعمل بها ينكشف لهم الحق على أنه قوة الله لخلاصهم . وهؤلاء سيكونون قادرين على التمييز بين من يتكلم في جانب الله وبين من يتكلم فقط لأجل نفسه . ولكن الفريسيين لم يجعلوا إرادتهم تتمشى مع إرادة الله . فهم لم يطلبوا معرفة الحق بل كانوا ينتحلون الأعذار لتجنبه والتملص منه . وقد أبان لهم المسيح أن هذا هو السبب في عدم فهمهم لتعاليمه. ML 429.3