مشتهى الأجيال
ينبئهم بآلامه
بعدما أدلى بطرس باعترافه أوصى يسوع تلاميذه ألا يقولوا لأحد أنه المسيح . وقد أوصاهم بذلك لأن الكتبة والفريسيين كانوا قد أصروا على مقاومته ، وأكثر من ذلك فإن الشعب وحتى التلاميذ أنفسهم كانت معرفتهم لمسيا زائفة ومشوهة بحيث أن المناداة به علنا لا تقدم للناس فكرة صحيحة عن صفاته أو عمله . ولكنه يوما بعد يوم كان يعلن نفسه لهم كالمخلص ، وهكذا أراد أن يقدم لهم فكرة صحيحة عن نفسه كمسيا. ML 393.1
كان التلاميذ لا يزالون ينتظرون أن يملك المسيح ملكا دنيويا . ومع أنه كان قد أخفى قصده أمدا طويلا فقد كانوا يعتقدون أنه لن يظل إلى الأبد فقيرا خامل الذكر ، فقد دنا الوقت الذي فيه يثبت ملكه . فبقاء عداوة الرؤساء والمعلمين قوية لن تقهر أبدا ، وبقاء المسيح مرفوضا من أمته ومحكوما عليه كمحتال ومخادع ويصلب كفاعل شر- مثل هذا الفكر لم يخطر للتلاميذ على بال . ولكن ساعة سلطان الظلمة كانت تدنو سريعا ، فوجب أن يصارح يسوع تلاميذه بالصراع القادم عليهم . وها قد اكتنفه الحزن وهو يتوقع قدوم التجربة. ML 393.2
إلى ذلك الحين لم يكن قد أطلعهم على شيء له علاقة بآلامه وموته . في حديثه مع نيقوديموس قال له: “كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان، لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يوحنا 3 : 14، 15). ولكن التلاميذ لم يسمعوا هذا ، حتى ولو سمعوه لما فهموه . أما الآن فها هم مع يسوع يصغون إلى أقواله ويشاهدون أعماله ، حتى أنهم ، بالرغم من وضاعة مظهره ومقاومة الكهنة والشعب له ، يمكنهم الآن أن يشتركوا مع بطرس في شهادته قائلين: “أنت هو المسيح ابن الله الحي!” أما الآن فقد حان الوقت الذي فيه يكشف لهم الستار عن المستقبل “من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة، ويقتل، وفي اليوم الثالث يقوم” (متى 16 : 21). ML 393.3