مشتهى الأجيال
مطامح تفشل
وبكل لهفة وشوق يحزمون أمرهم على تنفيذ مأربهم ، ولكن يسوع يعرف ما يجري حوله ، ويدرك ، كما لم يستطيعوا هم أن يدركوا ، ماذا ستكون عواقب تلك الحركة .فحتى الآن يحاول الكهنة والرؤساء أن يصطادوه لكي يهلكوه. إنهم يتهمونه بأنه يحاول إقصاء الناس عنهم . إن محاولة إجلاسه على العرش ستتبعها حتما ثورة وأعمال عنف وقسوة . وحينئذ يتعطل ويتوقف عمل الملكوت الروحي . لذلك وجب أن تقمع هذه الحركة في المهد ، فدعا يسوع تلاميذه وأمرهم بالنزول في السفينة والإقلاع إلى كفرناحوم في الحال وأن يتركوه هو حتى يصرف الجموع. ML 351.2
لم يسبق للمسيح أن أصدر لتلاميذه أمرا ورأوا استحالة تنفيذه كما في هذه المرة. لقد ظل التلاميذ طويلا يأملون حدوث حركة عامة لتنصيب يسوع على العرش ، ولم يستطيعوا الآن احتمال فكرة كون كل هذه الحماسة تصير إلى العبث ولا تجدي فتيلا . والجموع الذين اجتمعوا لممارسة عيد الفصح كانوا يتوقون لرؤية النبي الجديد . وقد ظهر لأتباع المسيح أن تلك كانت الفرصة الذهبية لتثبيت معلمهم المحبوب على عرش إسرائيل. وفي اهتياج هذا الطموح الجديد كان من الصعب عليهم أن يذهبوا وحدهم تاركين يسوع وحيدا على ذلك الشاطئ الموحش . فاحتجوا على هذا الإجراء ، ولكن يسوع تكلم الآن بسلطان لم يسبق له أن خاطبهم به . وقد عرفوا أن أي اعتراض من جانبهم بعد ذلك سيكون بلا جدوى فاتجهوا إلى البحر وهم صامتون. ML 351.3
وها هو يسوع الآن يأمر تلك الجموع بالانصراف. كانت طريقته في الكلام حاسمة بحيث لم يجرؤ أحدهم على العصيان . فجمدت على أفواههم كلمات الثناء والمديح . وفيما كانوا يهمون بأخذه عنوة جمدوا في أماكنهم وغاضت نظرات الفرح والشوق من وجوههم. لقد كان بين ذلك الجمع رجال ذوو عقول جبارة وعزم لا يفل ، ولكن هيئة يسوع الملكية وأمره الهادئ الذي نطق به في كلمات قليلة أخمد الضوضاء الحاصلة ، وأبطل ما كانوا ينوون أن يعملوه. وهاهم يرون فيه الآن قوة تفوق كل سلطان أرضي فينصرفون بدون سؤال. ML 351.4