مشتهى الأجيال

311/684

مصدر كل الأشياء

إن يسوع بإشباعه الخمسة الآلاف يرفع الستار عن عالم الطبيعة ويكشف عن القوة التي يستخدمها أبدا لخيرنا. وإن الله إذ يجعل الأرض تعطي قوتها وثمارها الوفيرة للإنسان يصنع كل يوم معجزة . وعن طريق العوامل الطبيعية تتم نفس المعجزة التي أجريت عند إشباع الجماهير . الناس يعدون الأرض ويبذرون البذار ، ولكن الحياة التي مصدرها الله هي التي تجعل البذار ينبت . فالمطر والهواء والشمس بنورها وحرارتها ، وكلها مرسلة من الله ، تجعل النبات يطلع ، “أولاً نباتاً، ثم سنبلاً، ثم قمحاً ملآن في السنبل” (مرقس 4 : 28). إن الله هو الذي في كل يوم يشبع ملايين الناس من محاصيل الحقول . والمطلوب من الناس هو أن يتعاونوا مع الله في رعاية الحبوب وإعداد رغيف الخبز ، ولأجل هذا ينسون يد الله العاملة في كل ذلك . إنهم لا يعطون الله المجد الذي يستحقه اسمه القدوس . إنهم ينسبون عمل قوته إلى عوامل طبيعية أو إلى الإنسان نفسه ، فالمجد يعطى للإنسان لا لله ، والناس يفسدون هبات الله إذ يستخدمونها لغايات أنانية وبذلك تصير لعنة بدل كونها بركة . ولكن الله مهتم بتغيير ذلك كله . إنه يرغب في أن تتنبه حواسنا البليدة لتميز شفقته ورحمته وتمجده لأجل عمل قدرته . إنه يرغب في أن نعرفه عن طريق عطاياه حتى تكون بركة لنا كما قد قصد هو . فلأجل تحقيق هذا الغرض أجرى المسيح معجزاته . ML 345.1

بعدما شبعت الجموع بقيت كمية من الطعام. ولكن ذاك الذي كل مصادر القوة غير المحدودة تحت أمرته قال: “اجمعوا الكسر الفاضلة لكي لا يضيع شيء” (يوحنا 6 : 12). كان يسوع يعني بهذا القول شيئا أكثر من مجرد وضع الكسر في السلال . لقد كان الدرس يعني أمرين . ينبغي ألا يضيع شيء وعلينا ألا نفلت من أيدينا أي ربح زمني . ويجب ألا نهمل شيئا يمكن أن يكون فيه نفع لأي إنسان . يجب أن نجمع كل ما يمكن أن يسد احتياج الجائعين من بني الإنسان . ثم ينبغي أن يكون عندنا نفس هذا الحرص بالنسبة إلى البركات الروحية . عندما جمعت الكسر فكر الناس في أصدقائهم الذين في بيوتهم ، فأرادوا أن يشركوهم معهم في التناول من الخبز الذي قد باركة المسيح. وقد وزعت تلك الكسر على ذلك الجمع المشتاق فحملوها إلى كل ذلك الإقليم . فكان على من قد أكلوا وشبعوا من تلك الوليمة أن يعطوا للآخرين من ذلك الخبز النازل من السماء لإشباع نفوسهم الجائعة . كما كان عليهم أن يرددوا ما قد تعلموه من عظائم الله ، فكان ينبغي ألا يضيع شيء ، وألا تسقط كلمة واحدة مما يتعلق بخلاصهم الأبدي إلى الأرض بلا فائدة . ML 345.2