مشتهى الأجيال

28/684

سمعان وحنة يشهدان

فإذ يدخل سمعان الهيكل يرى عائلة تقدم ابنها البكر إلى الكاهن. ومنظرهما يدل على الفقر ، إلاّ أن سمعان يفهم إنذارات الروح فيقتنع اقتناعا عميقا بأن ذلك الطفل الذي يقدم إلى الرب هو تعزية إسرائيل ، والذي طالما اشتاق أن يراه ، فبدا لعيني الكاهن المنذهل أن فرحا طاغيا يملأ قلب ذلك الشيخ . لقد أعيد الطفل إلى أمه مريم ، وإذا به يأخذه بين ذراعيه ويقدمه لله بينما تمتلئ نفسه بموجة فرح غامر لم يشعر بمثله من قبل . وإذ يرفع ذلك الطفل المخلِّص إلى السماء يقول: “الآنَ تُطلقُ عبدكَ يا سيد حسب قَولِك بِسلامٍ ، لأَنَّ عيَني قَد أَبصرتا خَلاصك ، الَّذي أَعددْتَه قُدامَ وَجه جميعِ الشُّعوبِ . نُورَ إِعلانٍ لِلأُممِ ، وَمجدا لشعبِك إِسرائِيلَ” (لوقا 2 : 29 — 32). ML 43.3

لقد استقر روح النبوة على رجل الله هذا. وإذ كان يوسف ومريم واقفين يتعجبان مما قيل فيه ، باركهما سمعان وقال لمريم: “ها إِنَّ هذا قَد وُضع لِسقُوطِ وَقيامِ كَثيرِين في إِسرائِيلَ ، وَلِعلامة تُقاوَمُ . وَأَنت أَيضا يجوزُ في نَفسك سيفٌ ، لِتُعَلن أَفكارٌ من قُلُوبٍ كَثيرة” (لوقا 2 : 34، 35). ML 43.4

وكانت هنالك أيضا نبية اسمها حنة. هذه أتت وأمنت على شهادة سمعان من نحو المسيح ، فإذ كان سمعان يتكلم أشرق على وجهها مجد الله فسكبت شكر قلبها لله لأنه قد سمح لها بأن ترى مسيح الرب ML 43.5

هذان العابدان المتواضعان لم يدرسا النبوات عبثا. ولكن مع أن أقوال الأنبياء الثمينة كانت أيضا بين أيدي أولئك الذين شغلوا مناصب رؤساء وكهنة إسرائيل ، فإنهم لم يكونوا سائرين في طريق الرب ولذلك لم تفتح عيونهم لرؤية نور الحياة ML 43.6

هكذا الحال اليوم ، فالحوادث التي يتركز فيها اهتمام كل السماء لا يلتفت الناس إليها ، ورجال الدين والعابدون في بيت الله لا يلاحظون وقوعها. إن الناس يعترفون بالمسيح من الناحية التاريخية ، ولكنهم ينصرفون عن المسيح الحي . والمسيح في كلمته وهو يدعو الناس إلى تضحية الذات ، وفي أشخاص المساكين والمتألمين الطالبي النجدة والعون ، وفى مطاليب الله العادلة المنطوية على الفقر والكدح واحتمال العار ، لا يجد من الناس اليوم استجابة ولا قبولا أكثر مما كان منذ عشرين قرنا خلت. ML 44.1

كانت مريم تتأمل متفكرة في نبوة سمعان في اتساعها وبعد مداها. ففيما كانت تنظر إلى وليدها الذي كانت تحمله على ذراعيها وذكرت الكلام الذي كانت قد سمعته من رعاة بيت لحم امتلأ قلبها فرحا وشكرا ورجاء مشرقا . وقد ذكّرها كلام سمعان بنبوة إشعياء القائلة: “ويخرج قضيب من جذع يسّى ، و ينبت غصن من أصوله ، ويحلّ عليه روح الربّ ، روح الحكمة والفهم ، روح المشورة والقوّة ، روح المعرفة ومخافة الربّ . ولذّته تكون في مخافة الرب ... ويكون البر منطقة متنية ، والأمانة حقويه” ، “الشعب السالك في لظلمة أبصر نوراً عظيماً . الجالسون في أرض ظلال الموت أشرق عليهم نور ... لأنه يولد لنا ولد ونعطى ابناً ، وتكون الرياسة على كتفه ، ويدعى اسمه عجيباً ، مشيراً ، إلهاً قديراً ، أباً أبدياً ، رئيس السلام” (إشعياء 11 : 1 — 5 ؛ 9 : 2 — 6). ML 44.2