مشتهى الأجيال

257/684

الفصل الثاني والثلاثون—عسكري يقابل طبيباً

لقد قال المسيح لخادم الملك الذي شفى ابنه: “لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب” (يوحنا 4 : 48). لقد أحزنه أن يرى بني أمته يطلبون هذه العلامات الخارجية دليلا على كونه مسيا ، كما تعجب كثيرا من عدم إيمانهم . ولكننا نراه هنا يتعجب من إيمان قائد المئة الذي جاء إليه . إن قائد المئة هذا لم يشك في قوة المخلص ، بل حتى لم يسأله أن يأتي بنفسه لإجراء المعجزة ، بل قال: “قل كلمة فقط فيبرأ غلامي” (متى 8 : 8). ML 292.1

كان غلام قائد المئة قد أصيب فجأة بمرض الفالج ، وكان مشرفا على الموت. وكان الرومان آنئذ يعتبرون الخدم عبيدا يباعون ويشترون في أسواق الرقيق ويعاملون بمنتهى الإذلال والقسوة . ولكن قائد المئة الروماني هذا كان عطوفا على غلامه ومحبا له ، وكان يتوق بشدة إلى شفائه ، وقد آمن بأن يسوع قادر على أن يشفيه . لم يكن قد رأى المخلص ، ولكن الأخبار التي كان قد سمعها كانت كافية لأن تلهمه بالإيمان . وبدون أن يلتفت هذا الروماني إلى رسميات اليهود المتبعة عندهم اقتنع بأن ديانتهم أسمى من ديانته . وها هو قد سبق فنقض سياجات التعصب القومي والكراهية التي قد فصلت بين الفاتحين المنتصرين والشعب المغلوب على أمره . فأبدى احتراما لعبادة الله وخدمته وأظهر لليهود حبا وإشفاقا لأنهم عباد الله . كما وجد في تعاليم المسيح حسبما سمعها من الناس ما يسد حاجة النفس . وكل ما كان في قلبه من روحانية استجاب لأقوال المخلص . ولكنه كان يحس بعدم استحقاقه للمثول في حضرة يسوع فالتمس من شيوخ اليهود أن يطلبوا من يسوع أن يشفي غلامه . وقد فكر قائد المئة بأن أولئك الرجال يعرفون المعلم الالهي ويعرفون كيف يقتربون منه بحيث يحوزون رضاه. ML 292.2