مشتهى الأجيال
كلام نور وقوة
وكل من سمعوا المخلص: “ بهتوا من تعليمه، لأن كلامه كان بسلكان” “لأنه كان يعلّمهم كمن له سلطان وليس كالكتبة” (لوقا 4 : 32 ؛ متى 7 : 29). كان تعليم الكتبة والشيوخ باردا عديم التأثير وشكليا طقسيا كما لو كانوا يحفظونه عن ظهر قلب بدون فهم ، كما كنت كلمة الله في نظرهم عديمة القوة والحياة . لقد أبدلوا تعاليم الكلمة الإلهية بآرائهم وتقاليدهم . وفي خدمتهم التي كانوا قد اعتادوا القيام بها أقروا بأنهم يفسرون الناموس ، ولكنهم لم يحصلوا على إلهام الهي ليوقظ قلوبهم أو قلوب سامعيهم. ML 226.2
لم يكن ليسوع أي دخل في المنازعات المختلفة التي كانت تحتدم بين اليهود إذ كان عمله هو تقديم الحق. وقد ألقت تعاليمه نورا إلهيا عظيما على أقوال الآباء والأنبياء ، وهكذا تلقى الناس الكتب المقدسة كإعلان جديد ، ولم يسبق لسامعيه أن لاحظوا ذلك المعنى العظيم لكلمة الله من قبل. ML 226.3
لتقى يسوع الناس على مستواهم كمن كان عليما بمشكلاتهم التي تربكهم ، وصير الحق جميلا إذ قدمه للناس بكل صراحة وبساطة. وكان كلامه طاهرا ونقيا وصافيا كمياه النهر الجارية . كان صوته موسيقيا على أسماع من اعتادوا الإصغاء إلى نغمات أصوات تنبعث على وتيرة واحدة من أفواه المعلمين الآخرين . ومع أن تعليمه كان بسيطا كان يتكلم كمن له سلطان . إن هذه الخاصة في طريقة تعليمه كانت على نقيض طريقة غيره . كان المعلمون يتكلمون وهم متشككون ومترددون ، كأن الكتب المقدسة تحتمل معنيين متناقضين . وكانت الشكوك تراود قلوب سامعيهم كل يوم . ولكن يسوع علم الناس بأن للكتب المقدسة سلطانا فوق كل تشكك . ومهما كان موضوع كلامه فقد كان يتكلم بكل قوة وسلطان إذ كان كلامه لا يحتمل جدالا. ML 226.4
ومع ذلك فقد كان جادا وغيورا لا محتدا. كان يتكلم كمن أمامه غرض خاص ينبغي له أن يحققه . كان يكشف لعيون الشعب حقائق العالم الأبدي . لقد أعلن الله في كل موضوع طرقه . وحاول يسوع أن يكسر سحر الخطية الذي جعل الناس ينشغلون في الأمور الدنيوية ، فوضع شؤون هذه الحياة في وضعها الحقيقي كما هي على اعتبار أنها أمور ثانوية بالنسبة إلى المصالح الأبدية ، ولكنه مع ذلك لم يتجاهل أهمية الأشياء الأرضية . وقد علم الشعب أن السماء والارض مرتبطتان معا كما علمهم أيضا ان معرفتهم للحق الإلهي تعدهم إعدادا أفضل لإتمام واجباتهم اليومية . كان يتكلم كمن يعرف السماء وكمن يحس إحساسا واعيا بعلاقته بالله ، وفي نفس الوقت يعلم ارتباطه بكل فرد من أفراد الأسرة البشرية. ML 227.1