مشتهى الأجيال

184/684

الفصل الخامس والعشرون—الدعوة عند البحر

بدأ نور النهار يشرق على بحر الجليل. وإذ كان التلاميذ متعبين بعد ليلة قضوها في جهود ضائعة ، كانوا لا يزالون في قواربهم في عرض البحيرة ، وكان يسوع قد أتى إلى هناك ليقضي ساعة هادئة بجانب الماء . ففي بكور ذلك الصباح كان يرجو أن يقضي ساعة راحة بعيداً عن الجموع التي كانت تتبعه يوماً بعد يوم . ولكن سرعان ما بدأ الناس يتجمعون حوله . وسرعان ما تزايد عددهم حتى بدأ الناس يزحمونه من كل جانب . وفي أثناء ذلك كان التلاميذ قد وصلوا إلى الشاطئ . فلكي يتفادى يسوع زحام الجمع نزل في سفينة سمعان وطلب منه أن يبعد قليلا عن البر . ففي هذا الوضع كان يمكن للناس كلهم أن يروا يسوع ويسمعوه جيداً . ومن تلك السفينة بدأ يعلم الجموع الجالسين أمامه على الشاطئ. ML 218.1

ما كان أعظمه منظرا يستحق أن يتطلع إليه الملائكة ويتأملوه! فها قائدهم المجيد جالس في سفينة صيد تتمايل به الأمواج التي لا تهدأ إلى هنا وهناك وهو يعلن بشارة الخلاص للجموع المنصتة لكلامه والذين كانوا متجمعين حتى إلى حافة الماء! ذاك الذي تكرمه السماء وتجله نراه هنا يعلن الحقائق العظيمة المختصة بملكوته في الهواء الطلق لعامة الشعب ، ومع ذلك فقد كان أنسب مكان له للقيام بعمله . فالبحيرة والجبال والحقول المنبسطة ونور الشمس الذي يغمر الأرض- كل هذه الأشياء اتخذ منها أمثالا لتوضيح تعاليمه وطبعها في الأذهان . ولم يكن أي تعليم من تعاليم المسيح بلا ثمر ، فكل رسالة نطق بها كانت تأتي لنفس ما بكلام الحياة الأبدية ML 218.2