مشتهى الأجيال
النفاق يكشفه الإخلاص
ولكون أفهامهم قد أظلمتها التعصبات الأنانية لم يستطيعوا التوفيق بين قوة أقوال المسيح المقنعة وبين اتضاع حياته. إنهم لم يقدروا حقيقة كون العظمة الحقة تغني صاحبها عن المظهر الخارجي . إن فقر هذا الإنسان بدا كأنه يتعارض مع دعواه بأنه مسيا . فجعلوا يتساءلون قائلين لو كان هو كما يدعي حقا فلماذا هو بسيط إلى هذا الحد؟ وإذا كان يكتفي بأن يكون مجرداً من قوة السلاح فماذا يكون مصير أمتهم ، ومن أين يمكن أن القوة والمجد اللذين انتظرهما الشعب طويلاً يخضعان الشعوب لمدينة اليهود؟ ألم يعلم الكهنة الشعب بأن إسرائيل سيملك على كل الأرض؟ وهل من الممكن أن يكون معلمو الأمة الدينيون مخطئين؟ ML 216.3
ولكن لم يكن تجرد يسوع من المجد الخارجي هو وحده الذي ساق اليهود إلى رفضه. لقد كان هو الطهارة مجسمة ، أما هم فكانوا نجسين . لقد عاش بين الناس مثالا للاستقامة التي لا غبار عليها . وإن نور حياته التي كانت بلا عيب كشف عما في قلوبهم من خبث ، كما فضح إخلاصه نفاقهم . إن ذلك النور كشف عن ريائهم في ادعائهم التقوى والقداسة كما كشف لهم عن إثمهم الكريه . ولكنهم لم يرحبوا بذلك النور. ML 217.1
ولو أن المسيح وجه أنظار الشعب إلى الفريسيين وأطرى علمهم وتقواهم لكانوا هتفوا له بفرح. ولكنه عندما تكلم عن ملكوت السماوات على أنه عهد الرحمة لكل بني الإنسان كان يقدم صورة للديانة التي لم يكونوا يحتملونها . لم تكن تعاليمهم أو مثالهم مما يحبب الناس في خدمة الله . وعندما رأوا اهتمام يسوع ينصرف إلى نفس الناس الذين كانوا هم يبغضونهم ويصدونهم ثارت في قلوبهم المتكبرة أعنف انفعالات الغضب . وبالرغم من تشدقهم بأن إسرائيل سيستعلي على كل الشعوب تحت حكم “الأسد الذي من سبط يهوذا” (رؤيا 5 : 5). فقد كان يمكنهم تحمل صدمة انهيار آمالهم وطموحهم ، وكان ذلك أهون عليهم من توبيخ يسوع إياهم على خطاياهم والخزي الذي كانوا يحسون به وهم في حضرته الطاهرة الكلية القداسة. ML 217.2