مشتهى الأجيال
النور الأضعف
كان النبي يوحنا حلقة اتصال بين العهدين. فكنائب عن الله وقف ليبين علاقة الناموس والأنبياء بالعهد المسيحي . كان هو النور الأضعف الذي سيجيء بعده النور الأعظم . لقد استنار عقل يوحنا بالروح القدس ليشرق بالنور على شعبه . ولكن لم يشرق ولن يشرق على الناس الضالين كالنور الباهر المنبثق من تعاليم يسوع ومثاله . لقد فهم المسيح ومهمته في نور ضئيل ضعيف إذ رمز إليه بالذبائح المبهمة . حتى يوحنا نفسه لم يدرك المستقبل على حقيقته ، ولا حياة الخلود بواسطة المخلص. ML 199.4
وإذا استثنينا الفرح الذي حصل عليه يوحنا وهو يقوم بمهمته أمكننا أن نقول أن حياته كانت حياة الحزن . فصوته قلما كان يسمع إلا في البرية . وكانت الوحدة والوحشة نصيبه، ولم يسمح له بأن يرى ثمار تعبه ، كما لم يحصل على امتياز الوجود مع المسيح ليرى بعينيه إظهار القوة الإلهية المرافقة للنور الأكمل . لم يكن له أن يرى العمي يبصرون والمرضى ينالون الشفاء والموتى تعود إليهم الحياة . ولم ير النور ينبثق من كل كلمة نطق بها المسيح إذ كان كلامه يريق نورا عظيما على النبوات . إن أصغر تلميذ للمسيح ممن رأوا المسيح رأوا القوات التي أجراها وسمعوا أقواله ، حصل بهذا المعنى على امتياز يفوق امتياز يوحنا المعمدان ، ولذلك يقال عنه إنه أعظم منه. ML 199.5
وقد ذاعت شهرة يوحنا عن طريق الجموع الكثيرة التي جاءت تستمع لكرازته ، فاهتم الناس اهتماما عظيما بنتيجة سجنه. ومع ذلك فإن حياته التي كانت بلا لوم ووقوف الرأي العام إلى جانبه جعل الناس يعتقدون أنه لن تتخذ ضده أية إجراءات تعسفية. ML 200.1
كان هيرودس يعتقد أن يوحنا نبي مرسل من الله فقصد أن يراه حرا طليقا ، ولكنه تأخر في تنفيذ غرضه خوفا من هيروديا. ML 200.2
وقد عرفت هيروديا أنها لن تستطيع بإجراءاتها السافرة أن تظفر برضى هيرودس في قتل يوحنا المعمدان ، فعزمت على نيل بغيتها بالحيلة والخداع. كانت ستقام وليمة بمناسبة عيد ميلاد الملك يدعى إليها حكام الدولة وأشراف البلاد ، وسيكون هناك أكل وسكر . وسيغفل هيرودس عن حذره إذ يكون مخمورا وسيكون من السهل التأثير فيه فيجيبها إلى رغبتها . ML 200.3