مشتهى الأجيال
“أفضل من نبي”
عاد يسوع يقول: “لكن ماذا خرجتم اتنظروا؟ أنبياً؟ نعم، أقول لكم، وأفضل من نبي. فإن هذا هو الذي كتب عنه: ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيّئ طريقك قدّامك. الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان” (متى 11 : 9 — 11). عندما ظهر الملاك لزكريا ليبشره بولادة يوحنا قال له أنه “يكون عظيماً أمام الرب” (لوقا 1 : 15). ما الذي تنطوي عليه العظمة في نظر السماء؟ ليس ما يعتبره العالم عظمة هو الثروة ولا المركز ولا الانتساب إلى عظماء الأرض ولا المواهب العقلية في حد ذاتها . فإذا كانت العظمة العقلية منفصلة عن أي اعتبار آخر أعظم منها ، مستحقة للكرامة ، إذا فهذا يقتضي أن نقدم ولاءنا للشيطان الذي لا يباريه أي إنسان في قوة ذهنه . ولكن متى انحرفت الموهبة العقلية وفسدت بحيث تخدم الذات فكلما عظمت صارت لعنة أعظم . إن الله يقدر القيمة الأخلاقية ، فهو يقدر فضيلتي المحبة والطهارة أعظم تقدير . لقد كان يوحنا عظيما أمام الرب عندما رفض أمام الرسل الموفدين من قبل السنهدريم وأمام الشعب وأمام تلاميذه أن يطلب لنفسه مجدا أو كرامة ، بل أشار إلى يسوع كالسيد الموعود به . إن فرحه الخالي من الأنانية بخدمته للمسيح يقدم لنا اعظم رمز للنبل ظهر في إنسان. ML 198.1
والشهادة التي قيلت عنه بعد موته والتي نطق بها أولئك الذين كانوا قد سمعوا شهادته ليسوع هي هذه: “إن يوحنا لم يفعل آية واحدة، ولكن كل ما قاله يوحنا عن هذا (الإنسان) كان حقاً” (يوحنا 10 : 41). لم يعط ليوحنا أن يستمطر نارا من السماء أو أن يقيم الموتى كما قد فعل إيليا ، أو أن يحسن استخدام عصا موسى عصا القوة باسم الله . لقد أرسل لكي ML 199.1
يعلن عن مجيء المخلص وليعلن للناس عن وجوب الاستعداد لمجيئه. وقد أدى مهمته بكل أمانة حتى إن الناس عندما تذكروا ما قاله لهم عن يسوع شهدوا قائلين: “كل ما قاله يوحنا عن هذا كان حقاً”. فعلى كل تلميذ للسيد أن يحمل مثل هذه الشهادة للمسيح. ML 199.2
وكبشير لمسيا كان يوحنا “ أفضل من نبي”، لأنه في حين أن الأنبياء رأوا مجيء المسيح من بعيد فقد أعطي ليوحنا أن يراه ويسمع شهادة السماء بكونه مسيا ويقدمه لإسرائيل كمن هو مرسل من قبل الله . ومع ذلك قال يسوع إن “الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه” (متى 11 : 11). ML 199.3