مشتهى الأجيال
الفصل الثاني والعشرون—سجن يوحنا وموته
كان يوحنا المعمدان أول بشير بملكوت المسيح. كما كان أول من تألم . لقد سجن الآن داخل أسوار سجن رهيب بعدما كان يعيش في هواء البرية الطلق تحيط به جماهير الشعب الذين تعلقت قلوبهم بكلامه ، ولكنه أمسى الآن حبيسا في قلعة هيرودس أنتيباس . ففي المنطقة الواقعة شرقي الأردن التي كانت تحت سلطة أنتيباس قضى يوحنا كثيرا من أيام خدمته . وقد كان هيرودس نفسه أحد المستمعين لكرازة المعمدان . لقد ارتعب ذلك الملك الفاسق أمام الدعوة إلى التوبة: “لأن هيرودس كان يهاب يوحنا عالماً أنه رجل بار وقدّيس .. وإذ سمعه، فعل كثيراً، وسمعه بسرور” (مرقس 6 : 20). وقد تصرف يوحنا معه بكل أمانة إذ فضح علاقته الآثمة بهيروديا زوجة أخيه . حاول هيرودس بكل ضعف ووهن أن يحطم قيود الشهوات التي كبلته ، ولكن هيروديا أحكمت وثاقه بسحرها وانتقمت لنفسها من المعمدان بتحريضها هيرودس على الزج به في السجن. ML 193.1
كانت حياة يوحنا حياة العمل النشيط ، ولذلك فإن ظلام السجن وجلوسه بين تلك الجدران الكئيبة بلا عمل كان أمرا ثقيلا جدا على نفسه. وإذ مرت الأسابيع ، متثاقلة دون أن يحدث تغيير زحف الشك واليأس إلى قلبه. لم يهجره تلاميذه بل كان يسمح لهم بزيارته في السجن فكانوا يحملون إليه أخبار أعمال يسوع ، كما أخبروه كيف كان الناس يتقاطرون عليه . ولكنهم كانوا يتساءلون قائلين إذا كان هذا المعلم الجديد هو مسيا فلماذا لا يفعل شيئا لإطلاق سراح يوحنا ، ولماذا يسمح بأن يحرم سابقه وخادمه الأمين ذاك من الحرية وربما من الحياة أيضا. ML 193.2