مشتهى الأجيال

155/684

للخلاص لا للدينونة

لقد أقام الكهنة والرؤساء أنفسهم قضاة ليحكموا على عمل المسيح. ولكنه أعلن عن نفسه أمامهم أنه ديانهم وديان كل الأرض . ولقد سلم العالم للمسيح ، وعن طريقه تنحدر كل البركات عن الله إلى الجنس البشري الساقط . إنه كان فاديا قبل تجسده كما صار بعدما تجسد . فحالما وُجدت الخطية وُجِد المخلص . لقد أعطى الجميع حياة ونورا ، وكل إنسان سيدان بنسبة النور المعطى له . وذاك الذي منح النور ، وذاك الذي لاحق النفس بتوسلاته الرقيقة محاولا أن ينقلها من الخطية إلى القداسة هو شفيعها كما أنه ديانها في نفس الوقت . ومنذ بدأت الخصومة العظيمة في السماء احتفظ الشيطان بدعواه بكل خبث وخديعة . ولكن المسيح ظل يعمل ليكشف الستار عن مؤامرات ذلك العدو ويسحق سلطانه . وهو الذي جابه ذلك المخادع ، بل مدى أجيال التاريخ كان يحاول أن ينتزع أسرى الشيطان من قبضته ، وهو الذي سيدين كل نفس. ML 188.2

ثم إن الله: أعطاه سلطاناً أن يدين أيضاً، لأنه ابن الإنسان” (يوحنا 5: 12). فلكونه قد ذاق مرارة كأس الآلام والتجارب البشرية ، ولكونه يعرف ضعفات الناس وخطاياهم ، ولكونه قد ناب عنهم إذ ثبت أمام تجارب الشيطان وانتصر عليه نيابة عنا ، وبكل حنان ورفق وعدل سيتعامل مع النفوس التي قد سفك دمه ليخلصنا- لأجل كل هذا قد أقيم ابن الإنسان ليدين. ML 188.3

إلاّ أن مهمة المسيح ليست للدينونة بل للخلاص: “ لأنه لم يرسل الله ابنة إلى العالم ليدين العالم، بل ليخلص به العالم” (يوحنا 3: 17). وقد أعلن المسيح أمام السنهدريم قائلاً: “إن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد انتقل من الموت إلى الحياة” (يوحنا 5 : 24). ML 189.1

وإذ أمر المسيح سامعيه ألا يتعجبوا كشف أمامهم في مجال أوسع سر المستقبل فقال: “ إنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة” (يوحنا 5: 28 و 29). ML 189.2

إن يقين الخلود هذا هو ما ظل اليهود ينتظرونه طويلا وما كانوا يؤملون الحصول عليه عند مجيء مسيا. وإن النور الوحيد الذي يمكنه أن يبدد ظلمات الهاوية كان يشرق عليهم، ولكن العناد أعمى لا يبصر ما أمامه . لقد تعدى يسوع تقاليد أولئك المعلمين واستخف بسلطانهم فرفضوا الإيمان به. ML 189.3