مشتهى الأجيال
اتهام يسوع بالتجديف!
قال يسوع إن له نفس الحق الذي لله في القيام بالأعمال المتساوية في القداسة. وله نفس صفات الآب الذي في السماء . ولكن غيظ الفريسيين زاد اشتعالا عليه . فهو لم ينقض الشريعة فقط كما قد فهموا، بل “قال أيضاً إن الله أبوه، معادلاً نفسه بالله” (يوحنا 5 : 18). ML 185.2
كانت الأمة اليهودية كلها تدعو الله أبا لها ، ولذلك لم يكونوا يغضبون على يسوع إلى هذا الحد لو أنه وقف على قدم المساواة مع الشعب في علاقته بالله. ولكنهم اتهموه بالتجديف مبرهنين بذلك على أنهم قد فهموا أنه يعتبر نفسه ابنا لله بأسمى المعاني. ML 185.3
لم يكن لدى خصوم المسيح أولئك أية حجة يردون بها على تلك الحقائق التي مس بها ضمائرهم. وكل ما استطاعوا عمله هو أنهم اقتبسوا عاداتهم وتقاليدهم وأوردوها ، ولكنها بدت ضعيفة وجامدة بمقارنتها بالحجج التي اقتبسها يسوع من كلمة الله وفي حوادث الطبيعة وحركاتها التي لا تنتهي . ولو كانت في قلوب أولئك المعلمين أية رغبة في قبول النور لاقتنعوا بأن يسوع قد نطق بالحق ولكنهم تملصوا من الحقائق التي أوردها عن السبت ، وحاولوا إثارة غضب الشعب عليه فكونه ادعى أنه مساوٍ لله . ولم يكن لسخط الرؤساء نهاية ولا حدود. ولولا خوفهم من الشعب لكان الكهنة والمعلمون قد قتلوه في نفس ذلك المكان . ولكن الرأي العام كان قويا جدا في جانب المسيح . فكثيرون من الشعب رأوا في يسوع الصديق الذي شفى أمراضهم وطيب قلوب المحزونين بينهم ، فبرروا شفاءه للمريض عند بركة بيت حسدا . ولذلك اضطر أولئك الرؤساء إلى كبح نية الغدر التي كانوا يضمرونها للسيد. ML 185.4
وقد دفع يسوع عن نفسه تهمة التجديف. فقال لهم إن سلطاني في إجراء العمل الذي تتهمونني به هو في كوني ابن الله ومتحدا معه في طبيعته وهيئته وقصده ، وفي كل أعمال خلقه وعنايته أنا متحد مع الله في عمله: “الحق الحق أقول لكم: لا يقدر الابن أن يعمل من نفسه شيئاً إلا ما ينظر الآب يعمل” (يوحنا 5 : 19). لقد كان الكهنة والمعلمون يلومون ابن الله لأجل نفس العمل الذي قد أرسل إلى العالم ليعمله . إنهم بسبب خطاياهم أبعدوا أنفسهم عن الله ، وفي كبريائهم كانوا يتحركون ويعملون مستقلين عنه . وأحسوا أنهم كفاة لكل شيء ، ولم يدركوا أنهم محتاجون إلى حكمة أسمى من حكمتهم لإرشاد خطواتهم في كل أعمالهم . لكن ابن الله كان خاضعا لمشيئة أبيه ومستندا على قدرته . لقد أخلى المسيح نفسه تماما حتى أنه لم يرسم أي تدبير بنفسه ، بل رضي بما رسمه له الله . ومن يوم إلى يوم كان الآب يكشف له تدابيره ، وهكذا علينا نحن أيضا أن نعتمد على الله ، لكي تكون حياتنا هي إتمام مشيئته. ML 186.1