الصراع العظيم

325/424

حراسة الملائكة

ويوجد ملاك معين لحراسة كل تابع للمسيح . فهؤلاء الحراس السماويون يصدون عن الابرار سهام الشرير . وهذا ما اعترف به الشيطان نفسه حين قال: ”هل مجانا يتقي أيوب الله . أليس انك سيجت حوله وحول بيته وحول كل ما له من كل ناحية“ (أيوب ١ : ٩ و ١٠). وترد الوسيلة التي بها يحرس الله شعبه في كلمات المرنم: ”ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم“ (مزمور ٣٤ : ٧). والمخلص في معرض كلامه عمن آمنوا به قال: ”انظروا لا تحتقروا أحد هؤلاء الصغار لاني أقول لكم ان ملائكتهم في السموات كل حين ينظرون وجه أبي الذي في السموات“ (متى ١٨ : ١٠). فالملائكة المعينون لخدمة اولاد الله لهم حق دخول محضره في كل وقت. GC 558.1

وهكذا اذ يتعرض شعب الله لقوة الشيط ان الخادعة وخبث سلطان الظلمة الذي لا يكل ولا ينعس، ويصارعون كل قوات الشر، لهم أن يتأكدوا من حراسة ملائكة السماء الدائمة . وهذا التأكيد لا يعطي من دون حاجة اليه . فاذا كان الله قد وعد شعبه بالنعمة والحماية فذلك بسبب وجود قوات الشر الجبارة التي عليهم أن ينازلوه ا، قوات كثيرة وعنيدة لا تكلّ ولا يمكن لاحد أن يأمن على نفسه اذا لم يتحفظ من خبثها وقوتها. GC 558.2

ان الارواح الشريرة التي خُلقت في البدء بلا خطية كانت على قدم المساواة مع الخلائق المقدسة الذين هم الآن رسل الله، في طبيعتهم وقوتهم ومجدهم. ولكن لانهم سقطو ا اذ أخطأو ا فقد تعاهدوا معا على اهانة الله واهلاك بني الانسان . واذ اتحدوا مع الشيطان في العصيان وطُردوا مثله من السماء فقد تعاونوا معه مدى كل العصور المتعاقبة في حربه ضد سلطان الله . والكتاب يخبرنا عن تحالفهم وحكمهم وأنظمتهم المتعددة وذكائهم ودهائهم ونواياه م السيئة ضد سلامة الناس وسعادتهم. GC 558.3

ويذكر تاريخ العهد القديم وجودهم ووسيلتهم في معرض بعض الحوادث، ولكن في وقت وجود المسيح على الارض اظهرت الارواح الشريرة قوتها بطريقة مدهشة جد ا. كان المسيح قد أتى ليبدأ في تنفيذ التدبير الخلاصي لاجل فداء الانسان فأصر الشيطان على اثبات حقه في السيطرة على العالم . لقد نجح في توطيد دعائم الوثنية في كل اقطار الارض عدا ارض فلسطين . وقد أتى المسيح الى ذلك القطر الوحيد الذي لم يكن قد خضع تماما لسلطان المجرب لكي يشر ق على الشعب نور السماء. وهنا كانت سلطتان تتنازعان السيادة . كان يسوع باسطا ذراعي محبته وهو يدعو اليه كل من يريد أن يجد في الغفران والسلام . وقد رأى أجناد الظلام أنهم لم يُعطَوْا السيادة المطلقة، وأدركوا أنه لو نجحت رسالة المسيح فسينقضي سلطانهم ويزول . فثار الشيطان واهتاج كما لو كان أسدا مقيَّدا، وفي تحديه أعلن سلطانه على أجساد الناس ونفوسهم. GC 560.1