الصراع العظيم

302/424

طهارة الانجيل

يعلن الرسول يعقوب ان الحكمة التي من فوق هي ”اولا طاهرة“. ولو جابه الرسول اولئك الذين ينطقون باسم يسوع العزيز بشفاههم التي قد نجسها التبغ، اولئك الذين انفاسُهم واشخاصُهم ملوثة برائحته الكريهة والذين يفسدون هواء السماء ويرغمون كل من حولهم على استنشاق سمومه، ولو جرى في حضوره مثل هذا العمل المضاد كليا لطهارة الانجيل، أما كان يشهِّر به على أنه ”ارضي نفساني شيطاني“ ؟ ان عبيد التبغ الذين يدعون أن عندهم بركة التقديس الكامل يتحدثون عن رجائهم في السماء، لكنّ كلمة الله تعلن بكل صراحة أنه ”لن يدخلها شيء دنس“ (رؤيا ٢١ : ٢٧). GC 517.2

”أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله . وانكم لستم لانفسكم . لانكم قد اشتريتم بثمن . فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله“ (١ كورنثوس ٦ : ١٩ و ٢٠). ان ذاك الذي جسده هيكل للروح القدس لن تستعبده عادة وبيلة . فكل قواه هي للمسيح الذي اشتراه بدمه . واملاكه هي للرب . وكيف يكون مبَّررا وهو يبذر رأس المال هذا المودَع امانة بين يديه ؟ ان المعترفين بالمسيح ينفقون كل عام مبلغا ضخما على الملاذ العديمة النفع والوبيلة بينما توجد نفوس تهلك وليس من يقدم اليها كلمة الحياة . لقد سلَبْنا الله في العشور والتقدمة بينما نحن نحرق على مذبح الشهوة المهلِكة أكثر مما نقدم لاسعاف المساكين أو لنشر رسالة الانجيل . لو كان كل المعترفين بأنهم أتباع المسيح مقدَّسين بالحق لكانت أموالهم، بدلا من أن تصرف في تمتعات باطلة لا داعي لها بل وضارة، تتحول الى خزانة الرب، ولكان المسيحيون يضربون أروع الامثلة على التعفف وانكار الذات والتضحية. وحينئذ يصبحون نورا للعالم. GC 518.1

لقد أسلم العالم نفسه للشهوات والملذات، ”شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة“ التي تتحكم في جماهير الناس وتسيطر عليهم . أما أتباع المسيح فلهم دعوة أقدس: ”اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجسا“. وفي نور كلمة الله يسوغ لنا أن نعلن أن التقديس الذي لا يكون من نتائجه هذا الاقلاع التام عن كل ممارسات العالم ومسراته الخاطئة لا يمكن أن يكون تقديسا حقيقيا. GC 518.2

أما الذين يمتثلون لهذه الشروط وهي: ”اخرجوا م ن وسطهم واعتزلوا... ولا تمسوا نجسا“ فالرب يقدم اليهم هذا الوعد: ”فأقبلكم وأكون لكم أباً وأنتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء“ (٢ كورنثوس ٦: ١٧ و ١٨). انه امتياز وواجب على كل مسيحي أن يكون له اختبار غني ووفير في أمور الله . قال يسوع: ”أنا هو نور العالم . من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة“ ( يوحنا ٨ : ١٢). ”أما سبيل الصديقين فكنور مشرق يتزايد وينير الى النهار الكامل“ (أمثال ٤: ١٨). ان كل خطوة من خطوات الايمان والطاعة تُدخل النفس الى ارتباط أقرب وأوثق بنور العالم الذي ”ليس فيه ظلمة البتة“. ان أشعة شمس البر المتألقة تشرق على عبيد الله، وعليهم هم أن يعكسوا أشعة نوره . فكما تخبرنا النجوم أن هنالك في السماء نورا عظيما تستنير هي و تنير بنوره، كذلك يجب على المسيحيين أن يجعلوا الامر واضحا وجليا انه يوجد اله على عرش الكون تستحق صفاته أن يمجدها الناس ويتمثَّلوا به ا. ان شمائل روحه وطهارة صفاته وقداستها ستبدو جلية واضحة في حياة شهوده. GC 518.3