الصراع العظيم

301/424

ذبيحة حية

يتناول التقديس المقدم الينا في الكتاب كيان الانسان كله، في الروح والنفس والجسد . لقد صلى بولس لاجل أهل تسالونيكي قائلا : ”لتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح“ (١ تسالونيكي ٥ : ٢٣). ومرة اخرى يكتب للمؤمنين قائلا: ”اطلب اليكم أيها الاخوة برأفة الله أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله“ (رومية ١٢ : ١). وفي عهد اسرائيل قديما كانت كل ذبيحة تقدم تُفحص جيدا. فاذا اكتشف أي عيب في الحيوان المقدم كان يُرفض لان الله أمر أن يكون كل قربان ”بلا عيب“. فكذلك المسيحيون يُطلب منهم أن يقدموا أجسادهم ”ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله“. فلكي يفعلوا هذا ينبغي أن تُحفظ كل قواهم في أفضل حالة ممكنة . فكل عمل من شأنه أن يضعف قوى الجسد أو العقل يجعل الانسان غير أهل لخدمة الله خالقه . وهل يرضى الله بشيء أقل من أفضل ما في وسعنا أن نقدمه ؟ لقد قال المسيح: ”تحب الرب الهك من كل قلبك“. فالذين يحبون الله من كل القلب سيكونون راغبين في أن يسدوا اليه أفضل خدمة في حياتهم، ويطلبون على الدوام أن يجعلوا كل قوى كيانهم في حالة وفاق مع القوانين التي تزيد من قدرتهم على عمل ارادته . انهم لن يجعلوا الانغماس في الشهية أو الشهوات وسيلة اضعاف أو تدنيس للقربان الذي يريدون تقديمه الى أبيهم السماوي. GC 516.1

يقول بطرس: ”أطلب اليكم ... أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التي تحارب النفس“ (١ بطرس ٢: ١١). فكل تمتُّع خاطئ يعمل على تخدير القوى وإماتة الاحاسيس الذهنية والروحية، فلا تستطيع كلمة الله أو روحه أن تؤِثر في القلب الا بقدر ضئيل جد ا. وبولس كتب يقول لاهل كورنثوس: ”لنطهِّر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح مكملين القداسة في خوف الله“ (٢ كورنثوس ٧: ١). ومع ثمر الروح الذي هو ”محبة، فرح، سلام، طول اناة، لطف، صلاح، ايمان، وداعة“ يدرج الرسول ”التعفف“ (غلاطية ٥: ٢٢ و ٢٣). GC 516.2

ولكن على رغم كل هذه الاعلانات الموحى بها ما أكثر المعترفين بالمسيحية الذين يوهنون قواهم بالركض في أثر الربح أو عبادة الزي والاناقة، وما أكثر من يحطون من قدر انسانيتهم الجليلة المجيدة بالانغماس في النهم والشراهة وشرب الخمر أو التمتع بالمسرات المحرمة. والكنيسة بدلا من أن توبخ هذه الشرور فانها في غالب الاحيان تشجع الشر بالالتجاء الى الشاهية وطلب الربح أو حب الملذات لكي تملأ بالمال خزانتها، لأن محبتها للمسيح هي أضعف من أن تملأه ا. ولو قُيِّض ليسوع أن يدخل كنائس اليوم ويرى الولائم والتجارة النجسة التي تدار باسم الدين أما كان يطرد اولئك المنجسين كما قد طرد الصيارفة من الهيكل ؟ GC 517.1