الصراع العظيم

254/424

اتمام الرموز

كان ذبح خروف الفصح رمزا لموت المسيح . فبولس يقول: ”لأنفصحنا ايضا المسيح قد ذبح لأجلنا“ (١ كورنثوس ٥ : ٧). ثم أنحزمة الباكورة التي كانوا يرددونها أمام الرب عند وقت الفصحكانت ترمز الى قيامة المسيح. وبولس اذ يتكلم عن قيامة الرب وكل شعبه يقول: ”المسيح باكورة ثم الذين للمسيح في مجيئه“ (١ كورنثوس ١٥ : ٣٢). فالمسيح هو باكورة ذلك الحصاد الخالد، حصاد المفديين الذين سيجمعون الى مخزن الله في القيامة العتيدة، كما كانت حزمة الترديد. GC 440.3

وقد تمت هذه الرموز ليس فقط بالنسبة الى الحوادث بل ايضا بالنسبة الى وقت حدوثه ا. ففي اليوم الرابع عشر من أول أشهر السنة اليهودية، الذي لمدة خمسة عشر قرنا طويلة كان يذبح فيه خروف الفصح، وبعدما أكل المسيح الفصح مع تلاميذه سنَّ ذلك العشاء الذي كان لاحياء ذكرى موته على أنه ”حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم“. وفي تلك الليلة نفسها قبضت عليه ايدي الاثمة ليُصلب ويُقتل . واذ كان سيدنا هو المرموز اليه بحزمة الترديد فقد اقيم من بين الاموات في اليوم الثالث ”باكورة الراقدين“ (١ كورنثوس ١٥ : ٢٠) وهو نموذج لكل الراقدين الابرار الذين سيتغير ”جسد تواض عهم“ ليكون “على صورة جسد مجده“ (فيلبي ٣ : ٢١). GC 440.4

وعلى هذه الصورة ينبغي أن تتم كل الرموز التي تشير الى المجيء الثاني في الوقت المشار اليه في الخدمة الرمزية . وفي النظام الموسوي كان تطهير القدس أو يوم الكفارة العظيم يقع في اليوم العاشر من الشهر اليهودي السابع (لاويين ١٦ : ٢٩ ٣٤)، فبعدما يقدم رئيس الكهنة كفارة عن كل اسرائيل فترفع خطاياهم من القدس، كان يخرج ويبارك الشعب . وهكذا اعتُقد ان المسيح رئيس كهنتنا الاعظم سيظهر ليطهر الارض بملاشاة الخطيئة والخطاة ويبارك بالخلود شعبه الذي ينتظره . ان اليوم العاشر من الشهر السابع، يوم الكفارة العظيم الذي تم فيه تطهير القدس والذي وقع في الثاني والعشرين من تشرين الاول (اكتوبر) عام ١٨٤٤، اعتبر وقت مجيء الرب . وقد كان هذا متفقا مع البراهين التي سبق ان اوردناها على ان ال ٢٣٠٠ يوم تنتهي في الخريف، وقد بدا أن هذا الاستنتاج تستحيل مقاومته. GC 441.1

وفي المثل الوارد في متى ٢٥ نفهم ان فرصة الانتظار والنوم تبعها قدوم العريس. وكان هذا مطابقا للبراهين التي قدمناها الآن من النبوات والرموز. وهي تحمل بين طياتها الاقتناع بصدقه ا. وقد أعلن آلاف المؤمنين ”صراخ نصف الليل“. GC 441.2

وكموجة المد العاتية اكتسحت الحركة كل البلاد . لقد انتقلت من مدينة الى مدينة ومن قرية الى اخرى الى اقصى ربوع البلاد الى ان أوقِظ شعبُ الله المنتظرون. وقد اختفى التعصب أمام هذا الاعلان كما يختفي صقيع الصباح امام الشمس المشرقة . ورأى المؤمنون ان شكوكهم وارتباكهم تلاشت، وأحيت الشجاعة والرجاء قلوبهم، وكان العمل خالياً من كل تطرف يظهر غالبا عندما يكون هنالك اهتياج بشري لا يضبطه تأثير كلمة الله وروحه . وقد كان شبيها بأوقات التذلل والرجوع الى الرب التي كانت تحدث لشعب اسرائيل عقب سماع رسائل التوبيخ من خدام الله، كما كان له ذلك الطابع الذ ي به امتاز عمل الله في كل عصر. كان يوجد قليل من الفرح المذهل انما الصفة الغالبة كانت فحص القلب بكل دقة والاعتراف بالخطيئة وترك العالم . وكان التأهب لملاقاة الرب هو الحمل الذي أثقل النفوس المعذبة . وكان هنالك مواظبة على الصلاة وتكريس لله في غير تحفظ. GC 441.3

قال ميلر في وصف ذلك العمل : ”لا يوجد تعبير عن الفرح، أي أنه كان مكبوتا لوقت مستقبل عندما تفرح السماء والارض معا بفرح مجيد لا يوصف . ولا يوجد هتاف، فهذا ايضا محفوظ للهتاف من السماء . والمغنون صامتون، فهم منتظرون حتى يشتركوا مع اجناد الملائكة وجوقة السماويين ... ولا يوجد تصادم في الميول أو العواطف، فالجميع لهم قلب واحد وفكر واحد“ (٣٣٩). GC 442.1

وشهد شخص آخر ممن اشتركوا في الحركة فقال: ”لقد احدثت هذه الحركة أعمق فحص للقلوب وتذلل للنفوس امام الله ساكن السماء العليا، واحدثت ايضا انفطاما للعواطف عن أمور هذا العالم، وفض المنازع ات والقضاء على العداوة والاعتراف بالاخطاء والمظالم والانسحاق امام الله، والابتهالات التائبة المنسحقة أمام الله في طلب الغفران والقبول . وقد كانت سببا في اذلال النفوس وانبطاحها، الامر الذي لم نشهد مثيلا له من قبل . وكما أمر الله على لسان يوئيل النبي عندما يقتر ب يوم الرب العظيم، كذلك حدث في هذه الحركة ان الناس مزقوا قلوبهم لا ثيابهم ورجعوا الى الرب بالصوم والبكاء والنوح . وكما قال الله على لسان زكريا كذلك حدث الآن، فقد فاض روح النعمة والتضرعات على اولاده، ونظروا الى ذاك الذي قد طعنوه، وكان نوح عظيم في الارض ...والذين كانوا ينتظرون الرب تذللوا أمامه“ (٣٤٠). GC 442.2

ومن بين كل الحركات الدينية العظيمة التي حدثت منذ أيام الرسل لم توجد حركة خالية من شوائب النقص البشري ومكايد الشيطان أكثر من تلك التي حدثت في خريف عام ١٨٤٤ . وحتى الآن بعد مرور سنين عديدة فان كل من اشتركوا في تلك الحركة وكل من وقفوا ثابتين على منصة الحق ما زالوا يحسون بالتأثير المقدس لذلك العمل المبارك ويشهدون بأنه كان من الله. GC 442.3