الصراع العظيم

191/424

علامات أخرى للمجيء

لقد أمر المسيح شعبه أن يراقبوا علا مات مجيئه ويفرحوا حين يرون علامات مليكهم الآتي. فقال: ”متى ابتدأت هذه تكون فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم لان نجاتكم تقترب“. ثم وجه انظار تابعيه الى ظهور براعم الاشجار في الربيع فقال: ”متى افرخت تنظرون وتعلمون من أنفسكم أن الصيف قد قرب . هكذا أنتم أيضا متى رأيتم هذه الاشياء صائرة فاعلموا أن ملكوت الله قريب“ ( لوقا ٢١ : ٢٨ و ٣٠ و ٣١). GC 343.2

ولكن اذ احتلت الكبرياء والتمسك بالطقوس مكان روح الوداعة والورع في الكنيسة فترت المحبة للمسيح والايمان بمجيئه . واذ انغمس اولئك المعترفون بولائهم لله في الامور الدنيوية وصاروا يرك ضون في أثر المسرات العالمية عميت أذهانهم عن تعليمات المخلص الخاص بعلامات ظهوره . لقد أهمل تعليم المجيء الثاني، والاقوال الالهية الخاصة به حجبها التحريف الى حد أن أغفلت ونسيت الى حد كبير . هكذا كانت الحالة في كنائس أمريكا على الخصوص . فالحرية والراحة اللتان ك انت كل طبقات المجتمع تنعم بهما، واشتهاء الغنى والطموح في طلب الترف، والشوق الطاغي الى جمع المال والاندفاع القوي نحو الشهرة والسلطان، الامور التي بدا أنها في متناول أيدي الجميع، كل هذه جعلت الناس يركزون اهتماماتهم وآمالهم في أمور هذه الحياة، ويبعدون عن تفكي رهم، الى المستقبل البعيد، ذلك اليوم الخطير الذي فيه سيزول ويبطل نظام الاشياء الحاضرة. GC 344.1

عندما وجه المخلص أفكار تابعيه الى علامات مجيئه الثاني أنبأهم عن حالة الارتداد التي ستعم العالم قبيل ذلك . فكما كانت الحال في أيام نوح كذلك ستكون الحال حينئذ اذ سيكون النشاط وحركة التجارة العالمية على أشدهما، وكذلك السعي في أثر المسرات، والبيع والشراء والغرس والبناء؛ ثم ان الناس سيزوجون ويتزوجون، وفي الوقت نفسه ينسون الله والحياة الآتية. فلمثل اولئك العائشين في هذا الوقت يقدم المسيح انذاره قائلا: ”فاحترزوا لانفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة“. ”اسهروا اذاً وتضرعوا في كل حين لكي تحسبوا أهلا للنجاة من جميع هذا المزمع أن يكون وتقفوا قدام ابن الانسان“ (لوقا ٢١ : ٣٤ و ٣٦). GC 344.2

يصور حالة الكنيسة في هذا الوقت قول المخلص في سفر الرؤيا: ”ان لك اسما انك حي وأنت ميت“. والذين يرفضون ان يستيقظوا من طمأنينتهم الكاذبة وعدم اكتراثهم يُقدم اليهم ذلك الانذار الخطير القائل: ”ان لم تسهر أُقدِم عليك كلص ولا تعلم أية ساعة أقدم عليك“ (رؤيا ٣ : ١ و ٣). GC 345.1

كانت الحالة تدعو الى أن يصحو الناس ويتنبهوا الى خطرهم وان يستيقظوا للتأهب للاحداث الخطيرة المتصلة بنهاية الاختبار. ويعلن نبي الله قائلا: ”يوم الرب عظيم ومخوف جدا فمن يطيقه“ ؟ من يستطيع أن يثبت عندما يقترب ذاك الذي عيناه ”أطهر من أن تنظرا الشر“ ولا يستطيع ”النظر الى الجور“ ؟ (يوئيل ٢: ١١ ، حبقوق ١: ١٣). أما الذين يصرخون قائلين: ”يا الهي نعرفك“ ومع ذلك يتعدون عهده ويسرعون وراء آلهة أخرى ويخفون الاثم في قلوبهم ويحبون طرق الظلم، لهؤلاء يكون يوم الرب ”ظلاما لا نور ا. وقتاما ولا نور له“ (هوشع ٨: ١ و ٢ ؛ مزمور ١٦ : ٤ ؛ عاموس ٥ : ٢٠). ”ويكون في ذلك الوقت“ يقول الرب: ”اني أفتش أورشليم بالسرج وأعاقب الرجال الجامدين على دُرديِّهم القائلين في قلوبهم ان الرب لا يحس ولا يسيء“ (صفنيا ١: ١٢ ). ”واعاقب المسكونة على شرها و المنافقين على اثمهم وأبطل تعظم المستكبرين وأضع تجبُّر العتاة“ (أشعياء ١٣ : ١١). ”لا فضتهم ولا ذهبهم يستطيع انقاذهم“ ”فتكون ثروتهم غنيمة وبيوتهم خرابا“ (صفنيا ١: ١٨ و ١٣ ). GC 345.2