الصراع العظيم

170/424

مظاهر التعظُّم

”ولما بلغت أنباء تلك المذبحة أسماع روما ابتهج رجال الاكلي روس ابتهاجا فاق كل الحدود . وقد كافأ كاردينال اللورين الرسول الذي حمل اليه ذلك الخبر بأن أعطاه ألف جنيه ذهب ا. ودوت طلقات مدافع سان أنجيلو فرحا وابتهاجا، كما تجاوبت أصوات نواقيس الكنائس من كل مكان، وأحالت شعلات النار الليل البهيم الى نهار، كما سار البابا غريغوريوس الثالث عشر في موكب طويل يحف به الكرادلة وغيرهم من أحبار الاكليروس الى كنيسة سان لويس حيث كان كردينال اللورين ينشد نشيد الشكر، وقد سُكّ وسام لاحياء ذكرى تلك المذبحة، ولا تزال توجد في الفاتيكان ثلاث صور لفاساري في وصف الهجوم على الاميرال، والملك وهو مجتمع مع المجلس يتآمرون لتدبير تلك المذبحة ، والمذبحة نفسه ا. وقد أرسل غريغوريوس الى شارل الوردة الذهبية، وبعد المذبحة بأربعة أشهر... كان يصغي بكل سرور و بشاشة الى عظة كان يلقيها كاهن فرنسي... تكلم فيها عن ”ذلك اليوم المفعم سعادة وفرحا عندما وصلت الاخبار الى الاب الاقدس فذهب في جلال مقدس ليشكر الله والقديس لويس““ (٢٤٤). GC 305.2

ان الروح الشريرة نفسها التي سيطرت على من قاموا بتدبير مذبحة سان بارثلوميو كانت هي الروح السائدة في مشاهد الثورة . فلقد أعلن أن يسوع المسيح دجال، وكانت صيحات الملحدين الفرنسيين تهتف في مزاح قائلة: ”اسحقوا ذلك الحقير“ وكانوا يقصدون المسيح . لقد سار التجديف المتحدي للسماء والشر الرجس يدا بيد، وقد رُفع وتمجد أحط الناس الانذال . وشر وحوش الخلاعة والقسوة والوحشية والرذيلة حملوا فوق الاعناق . وفي كل هذا أظهر الناس أعظم الولاء للشيطان . بينما المسيح الذي يمتاز بالحق والطهارة والمحبة المنكرة ذاتها عُلق على صليب. GC 306.1

”الوحش الصاعد من الهاوية سيصنع معهما حربا ويغلبهما ويقتلهما“. ان قوة الالح اد التي سادت على فرنسا في أثناء الثورة وحكم الرعب أثارت ضد الله وكلمته المقدسة حربا هائلة لم يسبق للعالم أن رأى لها مثيلا . لقد أبطل المجلس القومي أو الجمعية الوطنية عبادة الله، والكتب المقدسة جمعت وأحرقت على مرأى من الناس بكل احتقار وازدراء. ولقد داس الناس شريعة الله تحت أقدامهم وألغيت كل قوانين الكتاب المقدس، وأبطل يوم الراحة الاسبوعي، واستعاضوا عنه بجعل اليوم العاشر يوما للطرب والتجديف. وُحرم اجراء فريضتي العماد والعشاء الرباني . وكتبت فوق المدافن اعلانات بخط واضح تفيد أن الموت نوم أبدي. GC 306.2

ولقد قيل أن مخ افة الله أبعد ما تكون عن رأس الحكمة بحيث أنها صارت رأس الجهالة . وحُظِّرت كل الخدمات الدينية باستثناء خدمات الحرية والدولة. ”وقد أتي باسقف باريس الشرعي ليمثل الجانب الاكبر في أوقح مهزلة تثير الشكوك مُثِّلتْ قط أمام هيئة قومية ... لقد جيء به في موكب ح افل ليعلن أمام الجمعية أن الدين الذي قد علم به تلك السنين الطوال كان بكل معاني الكلمة حيلة من حيل الكهنوت ليس لها أساس لا في التاريخ ولا في الحق المقدس . وفي عبارات خطيرة حاسمة أنكر وجود الله الذي كان قد كرس نفسه لخدمته، ثم قال ا نه في مستقبل أيامه سيكرس نفسه للولاء للحرية والمساواة والفضيلة وعلوم الادب . ثم وضع أوسمته الاسقفية على المنضدة، وبعد ذلك عانقه رئيس الجمعية . واتبع كثيرون من الكهنة المرتدين مثال الاسقف“ (٢٤٥). GC 306.3

”ويشمت بهما الساكنون على الارض ويتهللون ويرسلون هدايا بعضهم لبعض لان هذين النبيين كانا قد عذبا الساكنين على الارض“. ان فرنسا الملحدة كانت قد أبكمت صوت التوبيخ الذي كان ينطق به ذانك الشاهدان . لقد انطرحت كلمة الحق ميتة في الشوارع، ولذلك فرح وتهلل كل من كانوا يمقتون نواهي شريعة الله وأوامره ا. لقد جاهر الناس بتحديهم لمل ك السماء . وكالخطأة من قديم الزمان صاحوا قائلين: ”كيف يعلم الله ؟ وهل عند العلي معرفة؟“ ( مزمور ٧٣ : ١١). GC 307.1