الصراع العظيم

168/424

عداوة ضد المسيح

”حيث صلب ربنا أيضا“. هذا التحديد الوارد في النبوة تممته فرنسا أيضا. فلم تبدُ العداوة للمسيح على أشدها في أمة ما كما ظهرت في فرنسا، ولم يجابه الحق ولا اصطدام بعداوة ومقاومة مُرة وقاسية كما حدث في فرنسا. ففي الاضطهاد الذي أثارته فرنسا ضد المعترفين بالانجيل صلبت المسيح في شخص تلاميذه. GC 302.1

ومن جيل الى جيل أهرقت دماء القديسين . فاذ كان الولدنسيون يبذلون حياتهم على جبال بيدمونت ”لأجل كلمة الله ولأجل شهادة يسوع المسيح“ قدم أخوتهم الالبيجنسيون شهادة مماثلة في فرنسا. وفي أيام الاصلاح كان تلاميذه يساقون الى الموت بعد عذابات هائلة . فالملك والنبلأ والسيدات الشريفات والعذارى الرقيقات، فخر الأمة وفرسانها كانوا جميعا يمتعون انظارهم برؤية عذابات شهداء يسوع . والهيجونوت الشجعان الذين كانوا يحاربون لاجل استخلاص تلك الحقوق التي يعتز بها و يقدسها كل قلب بشري سُفكت دماؤهم في كثير من المعارك الحامية الوطيس . لقد اعتبر البروتستانت طريدي العدالة، وكانت تعطى جوائز لمن يأتون برؤوسهم، فكانوا يطاردون كما تطارد الوحوش. GC 302.2

ان ”الكنيسة في البرية“، البقية القليلة الباقية من ذرية المسيحيين الاولين الذ ين ظلوا باقين في فرنسا في القرن الثامن عشر والذين كانوا يختبئون في جبال الجنوب، ظلوا على ولائهم لايمان آبائهم. واذ كانوا يتجرأون على الاجتماع على سفح جبل أو في أرض سبخة منعزلة كان الجنود والفرسان يطاردونهم ويوثقونهم الى السفن ليظلوا أرقاء فيها مدى الحياة. فاولئك الذين كانوا أنقى الناس في فرنسا وأعظمهم ثقافة وذكاء وعبقرية كانوا يكبلون ويعذبون عذابات رهيبة ويحشرون بين اللصوص والقتلة (٢٤٢). وآخرون ممن كانوا يعاملون ببعض الرحمة كانوا يقتلون رميا بالرصاص من دون أن يرثي لهم أحد حين كانوا، وهم عزَّل من السلاح وعاجزون تماما، يجثون على ركبهم للصلاة. وكان مئات من الرجال الطاعنين في السن والنساء اللواتي لا حيلة لهن في الدفاع عن أنفسهن والاولاد الابرياء يتركون قتلى على الارض في مكان اجتم اعهم للصلاة. واذ كان بعضهم يعبرون سفوح الجبال أو الغابات لم يكن أمرا غير مألوف أن يجدوا ”بعد كل أربع خطوات جثثا مبعثرة في المروج أو أجساما معلقة على الاشجار“. فأرضهم التي أقفرها السيف أو الناس أو النار ”استحالت الى برية واسعة كئيبة“. ”هذه الفظائع سُنَّت لها قوانين ... ليس في عصر مظلم بل في الفترة الزاهرة الجميلة في ابان حكم الملك لويس الرابع عشر، فلقد انتشر العلم حينئذاك وازدهرت العلوم المختلفة، وكان علماء اللاهوت في البلاط الملكي وفي العاصمة رجالا علماء وفصحاء، وكانوا يتظاهرون بالوداعة والاحسان وحب الخير“ (٢٤٣). GC 302.3