الصراع العظيم

160/424

المسيح وحده

وبعدما عاد وسلي الى انجلترا توصل تحت ارشاد واعظ مورافي الى ادراك أكمل لعقيدة الكتاب . وقد اقتنع أ نه ينبغي له أن ينبذ كل استناد إلى أعماله للخلاص ويتكل بالتمام على ”حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم“. وفي اجتماع من اجتماعات المورافيين في لندن قرئ بيان من بيانات لوثر فيه يصف التغيير الذي يحدثه روح الله في قلب المؤمن . واذ كان وسلي يسمع اضطرام الايمان في نفسه، وفي ذلك يقول: ”لقد أحسست بقلبي يسخن ويتحمس، وأحسست أنني قد اتكلت على المسيح وحده لاجل الخلاص وأُعطي لي اليقين بأنه قد رفع عني خطاياي، نعم خطاياي أنا، وأنقذني من ناموس الخطيئة والموت“ (٢٣١). GC 286.1

وعلى مدى سنين طويلة من المحاولات الشاقة اليائسة ومن الانك ار الصارم للنفس ولومها واذلالها ظل وسلي ثابتاً على عزمه الأوحد في طلب الله. أما الآن فقد وجده كما وجد أن النعمة التي جدَّ في الحصول عليها بالصلوات والاصوام والصدقات وانكار الذات كانت هبة ”بلا فضة ولا ثمن“. GC 286.2

فلما ثبت في الايمان بالمسيح اضطرمت في أعماقه رغب ة في نشر معرفة انجيل نعمة الله المجانية في كل مكان . فقال: ”اني أنظر الى العالم كله على أنه أبروشيتي، وحيثما أكون أحكم بأنه من اللائق والصائب واللازم أن أعلن لكل من يرغبون في الاستماع، بشرى الخلاص المفرحة“ (٢٣٢). GC 286.3

وقد ظل دائبا في حياة الدقة و انكار الذات، انما من منظار أنها ثمرة الايمان لا أساسه. فنعمة الله في المسيح هي أساس رجاء المسيحي، وهذه النعمة تظهر في الطاعة . وقد كرس وسلي حياته للتبشير بالحقائق العظيمة التي قد حصل عليها : التبرير بالايمان بدم المسيح المكفِّر وقوة الروح القدس المجدِّدة للقلب والتي تظهر ثمارها في الحياة المطابقة لمثال المسيح. GC 287.1

لقد أُعد هوايتفيلد وآل وسلي لعملهم باقتناعهم الشخصي الطويل والمضني بأنهم في حال الهلاك؛ وبكونهم قادرين على احتمال المشقات كجنود صالحين للمسيح، لقد تعرضوا لتجربة الإحتقار والسخرية والاضطهاد في الجامعة وفي حقل الخدمة بعدما دخلوه . وقد دعاهم زملاءهم الفجار من الطلبة، هم وكل من عطفوا عليهم وانضموا اليهم، باسم ميثودست قصدا للزراية والاحتقار — وهذا يُعتبر اسماً من أكبر الأسماء في الوقت الحاضر اذ تكرمه وتعتنقه طائفة من أكبر الطوائف في انكلترا وأميركا. GC 287.2

واذ كا نوا أعضاء في كنيسة انجلترا واظبوا على طقوس عبادتها، لكنّ الرب قدم اليهم في كلمته مقياسا أسمى، وقد أقنعهم الروح القدس بأن يبشروا بالمسيح وإياه مصلوب اً. وقد رافقت بشارتهم قوةُ العلي . واقتنع آلاف الناس وتجددوا، فكان من اللازم حماية هذه الحملا ن من الذئاب الخاطفة . ولم يكن وسلي يفكر في انشاء طائفة جديدة بل نظمهم في ما دعي بالاتحاد الميثودستي. GC 287.3

كانت المقاومة التي لاقاها هؤلاء المبشرون من الكنيسة المعترف بها مقاومة عجيبة وقاسية، ومع ذلك فان الله تسلط على الحوادث بحكمته حتى جعل الاصلاح يبدأ من داخل الكنيسة نفسه ا. فلو جاء كله من الخارج لما تغلغل في ا لاماكن التي كانت في أشد الحاجة اليه . ولكن بما أن المبشرين بالانتعاش كانوا من رجال الكنيسة وخدموا في داخل حظيرة الكنيسة كلما أتيح لهم ذلك فقد وجد الحق بابا مفتوح ا كان يمكن أن يظل موصدا. وقد أُوقِظ بعض رجال الاكليروس من سباتهم فصاروا خداما غيورين في أبروشياتهم. والكنائس التي قد تقست وفسدت بالرسميات والطقوس عادت اليها الحياة. GC 287.4

وفي عهد وسلي كما في كل أجيال تاريخ الكنيسة قام أناس ذوو مواهب مختلفة بالعمل المفروض عليهم . لم ينسقوا كل نقطة في العقيدة، لكنّ الجميع كانوا منقادين بروح الله واتحدوا في غرض شامل هو ربح النفوس للمسيح . هذا وان الخلاف بين هوايتفيلد وابني وسلي كاد في وقت ما ينتهي بالنفور والفرقة، ولكن بما انهم كانوا قد تعلموا الوداعة في مدرسة المسيح فقد أصلح بينهم التسامح المتبادل والمحبة . ولم يكن لديهم متسع من الوقت ليقضوه في الجدال، في حين أن الضلال والآثام كانت تتكاثر في كل مكان، وكان الخطأة يتحدرون الى الهلاك. GC 288.1