الصراع العظيم

131/424

اقبال شديد على الانجيل

ظل ليففر ينشر النور بين طلبته ، أما فارل فإذ كان غيوراً في ما يختص بالمسيح كما كان في قضية البابا خرج ليشهد للحق علانية . هذا، وأن أحد أحبار الكنيسة وهو أسقف مو سرعان ما انضم اليهم . كما أن معلمين آخرين ذوي مراكز سامية ومقدرة وعلم انضموا اليهم في المناداة بالانجيل، وقد حصل الانجيل على مهتدين اعتنقوا الايمان من كل الطبقات، من بيوت الصناع والفلاحين الى قصر الملك . فقبلت أخت فرنسيس الاول ملك فرنسا الايمان المصلح. والملك نفسه والملكة الام بدا في ذلك الحين أنهما يقبلان الانجيل قبولا حسنا. وبآمال عالية تطلع المصلحون الى الامام، الى الوقت الذي فيه تُربح فرنسا للانجيل. GC 238.2

لكنّ آمالهم لم تكن لتتحقق . فلقد كانت التجارب والاضطهاد ات تنتظر تلاميذ المسيح .غير أن الله في رحمته أخفى كل ذلك عنهم . وقد تخللت ذلك فترة سلام حتى يتشددوا لمواجهة العاصفة وينجح الاصلاح ويتقدم تقدما سريعا. لقد تعب أسقف مو وبذل جهودا كبيرة في أسقفيته في تعليم رجال الكهنوت والشعب أيض ا. وعزل الكه نة الجهلة الفاسدين وبقدر المستطاع نصب في مكانهم رجالا ذوي علم وتقوى . وكان الاسقف يرغب كل الرغبة في أن يقترب شعبه من كلمة الله بانفسهم فتحقق ذلك سريع ا. لقد عكف ليففر على ترجمة العهد الجديد، وفيما كان كتاب لوثر الالماني يخرج من المطبعة في وتنبرج نُشر العهد الجديد الفرنسي في مو . ولم يدخر الاسقف جهدا ولا مالا في سبيل نشر الكتاب في أبروشياته، وسرعان ما حصل الفلاحون في مو على الكتاب المقدس. GC 238.3

وكما يتلهف المسافرون، المشرفون على الموت عطشا، على نبع ماء حي ويستقبلونه بفرح عظيم كذلك استقبلت هذه النفوس ر سالة السماء. فالفعلة في الحقول والصناع في ورش العمل كانوا يتسلون بذكر حقائق الكتاب المقدس الثمينة وهم فرحون . وفي المساء بدلا من ارتياد الحانات كانوا يجتمعون في بيوت اخوتهم ليقرأوا كلمة الله ويشتركوا معا في الصلاة والتسبيح. وقد شوهد تغيير عظيم في هذه المجتمعات . فمع أنهم كانوا من أفقر الطبقات ومن الفلاحين الكادحين وغير المتعلمين فقد شوهدت قوة النعمة الالهية المصلحة التي تسمو بالنفس في حياتهم . فاذ كانوا متواضعين ومحبين وقديسين وقفوا شهودا لما يستطيع الانجيل أن يفعله في حي اة من يقبلونه باخلاص. GC 239.1

هذا، وان النور الذي أشرق في مو أرسل أشعته الى أماكن بعيدة . ففي كل يوم كان يزداد عدد المتجددين . أما غضب حكومة البابا فكان قد أوقف عند حده الى حين بفضل جهود الملك الذي كان يحتقر تزمت الرهبان وتعصبهم . لكنّ الرؤساء البابويين انتصروا في النهاية. وها هي آلات الاعدام تُنصب . فاذ اجبر أسقف مو على أن يختار إما الحرق بالنار أو التراجع أختار أسهل الامرين، ولكن على الرغم من سقوط الراعي فقد ظل قطيعه ثابت ا. وشهد كثيرون للحق والنار تلتهم أجسامهم . ان هؤلاء المسيحيين الفقراء، بشجاعتهم وولائهم، تحدثوا الى الوف من الناس الذين لم يسبق لهم أن سمعوا شهادتهم في أيام السلام. GC 239.2