إرشادات حول الوكالة

6/336

٢ - ﷲ هو الرزّاق الكريم

تتجلى قوة الله في دقات القلب، في عمل الرئتين، وفي التيارات (المجاري) الحيّة التي تدور عبر آلاف القنوات المختلفة الموجودة في جسم الإنسان، فنحن مديونون له على كل لحظة من وجودنا، وعلى كافة وسائل الراحة في حياتنا. إن القدرات والطاقات التي وهبنا إياها خالقنا المُحْسِن ترتقي بالإنسان فوق الخلائق الأخرى غير العاقلة. CSAr 17.1

إن بركات الربّ كثيرة وإحساناته تغمرنا، ونحن مديونون له على الطعام الذي نأكله والماء الذي نشربه، والملابس التي نرتديها، والهواء الذي نستنشقه. فبدون تدبيره وعنايته الخاصة، لامتلأ الهواء بالسموم والأوبئة. فهو الرزّاق الكريم والحافظ القدير. CSAr 17.2

إن الشمس التي تشرق بنورها على الأرض وتكسو الطبيعة بالمجد والجلال، والضوء العجيب والمهيب الذي يشع من القمر، والفضاء المجيد المُرصّع بالنجوم اللامعة، والأمطار التي تروي الأرض وتؤدي إلى نمو النباتات وازدهارها، والعناصر المختلفة في الطبيعة بكل ثرائها المتنوع، والأشجار الشامخة، والشجيرات، والأعشاب، والزروع التي تتماوج، والسماء الزرقاء، والأرض الخضراء، وتوالي الليل والنهار، وتعاقب الفصول، كلها تحدث الإنسان بمحبة الخالق عزّ وجلّ. CSAr 17.3

لقد جعلنا في صلة معه بواسطة كل هذه الأدلة والبراهين في السماء وعلى الأرض، وهو يعتني بنا ويرفق علينا أكثر من الأم نحو ابنها العليل، لأنه «كَمَا يَتَرَأَفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ». — (من مجلة الريفيو آند هيرالد، سبتمبر (أيلول) ١٨، ١٨٨٨). CSAr 17.4

آخذين باستمرار للعطاء باستمرار (السخاء في العطاء) CSAr 17.5

بما أننا نتسلّم بركات الربّ باستمرار، فينبغي علينا أيضًا أن نعطي باستمرار. عندما يتوقف إلهنا السماوي، الكثير الجود والكرم والسخاء، عن العطاء، فحينئذ يحق لنا أن نتوقف عن العطاء، لأنه لن يكن هناك شيئاً لنشاركه أو نقدمه، إلا أنه لم يتركنا ابدًا بدون برهان عن محبته، إذ أنه أحسن إلينا وأحبنا ... إن عناية الله هي التي تعولنا في كل حين، وقوته هي التي ترفعنا وتدعمنا، فهو يملأ موائدنا بالطعام، ويمنحنا نومًا هادئًا ومريحًا، وفي كل أسبوع يهبنا يوم السبت لنرتاح فيه من همومنا وأشغالنا الوقتية، ونتعبّد له في بيته الخاص. وقد أعطانا كلمته لتكون سراجًا لأرجلنا ونورًا لسبيلنا، ففي صفحاتها المقدسة نجد الإرشادات الحكيمة، وكلما رفعنا قلوبنا إليه بتوبة وإيمان وخشوع، نجده يفيض علينا ببركات نعمته، وفوق كل شيء، فقد وهبنا أعظم عطية في الوجود، ألا وهي عطية ابنه الحبيب، غير المحدودة، الذي منه تتدفق كل البركات الأخرى التي نحتاج إليها في هذه الحياة والحياة الآتية. CSAr 17.6

إنما خيرٌ ورحمةٌ يتبعاننا في كل خطوة وكل أيام حياتنا. عندما يتوقف أبانا السماوي غير المحدود عن العطاء وإغداق بركاته علينا، حينها يمكننا التذمر من العطاء والقول: ألا توجد نهاية للعطاء؟ إن الأمانة في إرجاع العشور ليست كل شيء في العطاء؛ فبالإضافة إلى العشر، الذي هو مِلكه في الأساس، هناك تقدمات وعطايا أخرى ينبغي أن نأتي بها إلى خزانة الربّ، وذلك تعبيرًا عن شكرنا ومحبتنا له. فدعونا، بقلوب شاكرة وفرحة، أن نكرّس للخالق باكورات خيراتنا وأثمن ما نملكه، بما فيها الخدمة والعبادة المقدسة من أعماق قلوبنا. — مجلة الريفيو آند هيرالد، ٩ فبراير (شباط) ١٨٨٦. CSAr 18.1