قِصَّة الفداء
إسرائيل يتذمَّر مجدَّدًا
«فَرَفَعَتْ كُلُّ الْجَمَاعَةِ صَوْتَهَا وَصَرَخَتْ، وَبَكَى الشَّعْبُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. وَتَذَمَّرَ عَلَى مُوسَى وَعَلَى هَارُونَ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ لَهُمَا كُلُّ الْجَمَاعَةِ: ‹لَيْتَنَا مُتْنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ، أَوْ لَيْتَنَا مُتْنَا فِي هذَا الْقَفْرِ! وَلِمَاذَا أَتَى بِنَا الرَّبُّ إِلَى هذِهِ الأَرْضِ لِنَسْقُطَ بِالسَّيْفِ؟ تَصِيرُ نِسَاؤُنَا وَأَطْفَالُنَا غَنِيمَةً. أَلَيْسَ خَيْرًا لَنَا أَنْ نَرْجعَ إِلَى مِصْرَ؟› فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ‹نُقِيمُ رَئِيسًا وَنَرْجعُ إِلَى مِصْرَ›. فَسَقَطَ مُوسَى وَهَارُونُ عَلَى وَجْهَيْهِمَا أَمَامَ كُلِّ مَعْشَرِ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ» (عدد ١٤: ١-٥). SRAr 159.3
إنَّ بني إسرائيل لم ينفِّثوا عن غضبهم بالتذمُّر على موسى وحسب، ولكنَّهم اتَّهموا الله أيضًا بمراوغتهم باعتبار أنَّه وعدهم بامتلاك أرضٍ لا يمكنهم امتلاكها. لقد أمعنوا في عصيانهم إلى درجة كبيرة مُتناسين ذراع الله الكلِّيَّ القدرة الذي أخرجهم مِن أرض مصر وقادهم إلى هُنا بمعجزات وعجائب كثيرة، حتَّى أنَّهم قرَّروا انتخاب رئيس يرجع بهم إلى مصر التي ذاقوا فيها مرارة الآلام والعبودية. لقد أقاموا عليهم بالفعل رئيسًا مُتجاهلين موسى، قائدهم الحليم والمُحتمِل، وتذمَّروا على الله بمرارة. SRAr 160.1
سقط موسى وهرون على وجهيهما أمام الربِّ وقُدَّام كلِّ جماعة بني إسرائيل ليلتمسا رحمة الله على الشعب المتمرِّد. لكنَّ حُزنهم وضيقهم كانا أكبر مِن أنْ يُفصح عنه. فبقيا على وجهيهما في صمت مُطبِق. مزَّق كالب ويشوع ثيابهما تعبيرًا عن حزنهما الشديد. «وَكَلَّمَا كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلَيْنِ: ‹الأَرْضُ الَّتِي مَرَرْنَا فِيهَا لِنَتَجَسَّسَهَا جَيِّدَةٌ جِدًّا جِدًّا. إِنْ سُرَّ بِنَا الرَّبُّ يُدْخِلْنَا إِلَى هذِهِ الأَرْضِ وَيُعْطِينَا إِيَّاهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلاً. إِنَّمَا لاَ تَتَمَرَّدُوا عَلَى الرَّبِّ، وَلاَ تَخَافُوا مِنْ شَعْبِ الأَرْضِ لأَنَّهُمْ خُبْزُنَا. قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ، وَالرَّبُّ مَعَنَا. لاَ تَخَافُوهُمْ›” (عدد ١٤: ٧-٩). SRAr 160.2
«قَدْ زَالَ عَنْهُمْ ظِلُّهُمْ»، أي أنَّ الكنعانيِّين قد ملأوا مكيال إثمهم، وتخلَّى الربُّ عن حمايتهم، وشعروا أنَّهم في أمان وأنَّهم غير مُستعدِّين للقتال؛ وبحسب عهد الله، فإنَّ الأرض مضمونة لنا. ولكنْ، بدلًا مِن أنْ تترك هذه الكلمات التأثير المقصود على الشعب، أمعنوا أكثر في تمرُّدهم. لقد غضبوا غضبًا شديدًا، وصرخوا بأصوات عالية وغاضبة على كالب ويشوع يُطالبون برجمهما بالحجارة، وهو ما كان سيحدث لو لم يتدخَّل الربُّ ويُظهر مجده باستعراض هائل في خيمة الاجتماع أمام جميع بني إسرائيل. SRAr 160.3