قِصَّة الفداء
حرب في السماء
كانت الجريمة الكبرى هي التمرُّد على حُكم الله. بدت السماء كلُّها تعجُّ بفوضى عارمة. انتظمت الملائكة في سرايا، وكان لكلٍّ منها ملاك ذو رتبة أعلى في مقدّمة الكتيبة. دخل الشيطان في حرب ضدَّ شريعة الله، لأنَّه كان يطمح إلى تمجيد نفسه وكان غير مستعدٍّ للخضوع لسلطان ابن الله، قائد السماء العظيم. SRAr 17.2
استُدْعِيَت جميع أجناد السماء للمثول أمام الله الآب بهدف البتِّ في كلِّ قضيَّة. وأعلن الشيطان دون خجل أنَّه غير راضٍ على أنْ ينال المسيح كرامة أكثر منه. ووقف بكلِّ تكبُّر وغطرسة وألحَّ على أنَّه ينبغي أنْ يكون مُعادلًا لله وأنْ يُدعى للمثول في مجلس الآب ويفهم مقاصده. أبلغ اللهُ الشيطانَ بأنَّه لن يكشف مقاصده الخفيَّة إلَّا لابنه، وأنَّه طلب مِن الجميع في عائلة السماء، حتَّى مِن الشيطان نفسه، أنْ يقدِّموا لابنه طاعة كاملة لا ريب فيها؛ إلَّا أنَّ الشيطان برهن على أنَّه لا يستحقُّ أنْ يكون له مكان في السماء. بعد ذلك أشار الشيطان بتهلُّل إلى المتعاطفين معه والذين كانوا يُشكِّلون حوالي نصف الملائكة، وهتف قائلًا: «إنَّ هؤلاء معي! هل ستطردهم هم أيضًا وتُحدِث مثل هذا الفراغ في السماء؟»، ثمَّ أعلن بأنَّه مُستعدٌّ لمقاومة سُلطة المسيح والدفاع عن مكانته في السماء مِن خلال فرض القُدْرَة، فالقوَّة ستقف في مقابل القوَّة. SRAr 18.1
بكى الملائكة الأخيار وهم يستمعون إلى كلمات الشيطان الوقحة. وأعلن الله أنَّ المتمرِّدين يجب ألَّا يبقوا في السماء فيما بعد. فحالة الغبطة والسعادة التي كانوا يتمتَّعون بها كان ينبغي أنْ تبقى ملازمة لهم طالما استمرّوا في تقديم الطاعة للشريعة التي أعطاها الله لِحُكم خلائقه. ولكنْ لم يكن هناك تدبير يسمح بخلاص مَن تجرَّأوا في تعدِّيهم على شريعة الله. لقد تمادى الشيطان في تمرُّده، وأعرَب عن ازدرائه بشريعة الخالِق التي لم يستطع الشيطان أنْ يطيقها. لقد ادَّعى بأنَّ الملائكة ليسوا بحاجة إلى الشريعة، بل ينبغي أنْ يُتْرَكوا أحرارًا لاتِّباع إرادتهم الخاصَّة التي سترشدهم دومًا إلى عمل الصواب، وأنَّ الشريعة كانت تحدُّ مِن حُرِّيَّتهم، وأنَّ إلغاءها كان هدفًا مِن الأهداف العظيمة للموقف الذي اتَّخذه. كان يعتقد بأنَّ وضع الملائكة كان بحاجة إلى تحسين، ولم يكن ذلك فكر الله الذي سنَّ الشرائع وعظَّمها لتكون مُعادلة لذاته. إنَّ سعادة الجُند الملائكيّ ارتبطت بطاعتهم الكامِلة للشريعة. وكلُّ واحد منهم كان له عمله الخاصُّ المنوط به، وكان النظام في السماء كامِلًا والانسجام تامًّا إلى أن اندلع تمرُّد الشيطان. SRAr 18.2
ثمَّ حدثت حربٌ في السماء، حيث اشتبك ابن الله، أمير السماء، ومعه ملائكته الأوفياء، في صراع مع المتمرِّد الأكبر ومَن انضمُّوا إليه. انتصر ابن الله وملائكته الأوفياء المخلِصون؛ وطُرِدَ مِن السماء الشيطانُ والمُتضامِنون معه. اعترف كلُّ جند السماء بعدالة الله، ولم يُتْرَك في السماء أثرٌ للتمرُّد، وعاد السلام والوئام كما كانا في السابق. حزنت ملائكة السماء على مصير الذين كانوا شركاءهم في السعادة والهناء. وشعرت السماء بفقدانهم. SRAr 19.1
تشاور الآب مع ابنه حول تنفيذ قصدهما في خلق الإنسان ليسكن الأرض. وكان سيضع الإنسانَ رهن الاختبار ليمتحن ولاءه قبل أنْ يُعتَبر آمنًا إلى الأبد. فإنِ احتمل الإنسانُ الاختبار الذي مِن خلاله يرى الله جدارته، فإنَّه في النهاية سيكون مُعادِلًا للملائكة. كان عليه أنْ يكسب رضا الله وأنْ يتحادث مع الملائكة، وكان عليهم هُم أنْ يتحادثوا معه. ولم يرَ الله أنَّه مِن المناسب أنْ يضعه خارج نطاق العِصيان. SRAr 19.2