قِصَّة الفداء

29/229

التردُّد في وعود الله

بعد انفصال إبراهيم عن لوط، قال الربُّ لإبراهيم: «ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ شِمَالًا وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا، لأَنَّ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ تَرَى لَكَ أُعْطِيهَا وَلِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ. وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، حَتَّى إِذَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّ تُرَابَ الأَرْضِ فَنَسْلُكَ أَيْضًا يُعَدُّ» (تكوين ١٣: ١٤-١٦). «بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ صَارَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى أَبْرَامَ فِي الرُّؤْيَا قَائِلًا: ‹لاَ تَخَفْ يَا أَبْرَامُ. أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدًّا› .... وَقَالَ أَبْرَامُ أَيْضًا: ‹إِنَّكَ لَمْ تُعْطِنِي نَسْلًا، وَهُوَذَا ابْنُ بَيْتِي وَارِثٌ لِي›» (تكوين ١٥: ١-٣). SRAr 76.2

وبما أنَّ إبراهيم لم يكن له ابن، فقد ظنَّ في البداية أنَّ خادِمه الموثوق، أليعازر، ينبغي أنْ يُصبِح وريثه وابنه بالتبنِّي، لكنَّ الله أبلغ إبراهيم أنَّ خادِمه لن يُصير ابنه ولا وريثه، بل سيكون له ابن مِن صلبه. «ثُمَّ أَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجٍ وَقَالَ: ‹انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ وَعُدَّ النُّجُومَ إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَعُدَّهَا›. وَقَالَ لَهُ: ‹هكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ›” (تكوين ١٥: ٥). SRAr 77.1

لو أنَّ إبراهيم وسارة انتظرا بالإيمان الواثِق تحقيق الوعد القائل بأنَّه سيكون لهما ولد، لكان بالإمكان تجنُّب الكثير مِن التعاسة. لقد آمنا بأنَّ الأمور ستجري تمامًا كما وعد الله، لكنَّهما لم يؤمِنا أنَّ سارة سيكون لها ابن في سنوات شيخوختها. اقترحَت سارة خطَّة يُمكِن مِن خلالها ــ بحسب اعتقادها ــ تحقيق وعد الله. فتوسَّلت إلى إبراهيم أنْ يأخذ هاجر زوجة له. وفي هذا افتقر كلاهما إلى الإيمان والثقة التامَّة في قُدرة الله. إنَّ إبراهيم ــ مِن خلال إصغائه لصوت سارة وأخذه هاجر زوجة له ــ أخفق في احتمال تجربة إيمانه في قدرة الله غير المحدودة، وجلب على نفسه وعلى سارة الكثير مِن الشقاء. قصد الربُّ أنْ يمتحِن إيمان إبراهيم الثابت واعتماده على وعوده التي قطعها معه. SRAr 77.2