قِصَّة الفداء

206/229

اختبار اليهود يتكرَّر

لقد تمَّ توجيه انتباهي إلى الإعلان عن المجيء الأوَّل للمسيح. لقد أرسِل يوحنَّا بروح إيليَّا وقوَّته ليُعِدّ الطريق ليسوع. والذين رفضوا شهادة يوحنَّا لم يستفيدوا مِن تعاليم يسوع، ومقاومتهم للرسالة التي سبقت وأنبأت عن مجيئه وضعتهم في ظرف لم يسمح لهم بأنْ يتلقّوا أقوى بُرهان على أنَّ يسوع كان هو المسيَّا. لقد قاد الشيطان أولئك الذين رفضوا رسالة يوحنَّا لأنْ يذهبوا إلى أبعد مِن ذلك ويرفضوا المسيح ويصلبوه. وهم بفعلهم هذا قد وضعوا أنفسهم حيث لم يمكنهم أنْ ينالوا في يوم الخمسين تلك البركة التي كان مِن الممكن أنْ تُرْشِدهم إلى الطريق المؤدِّي إلى المقدس السماويّ. SRAr 386.1

إِنَّ انشقاق حجاب الهيكل أظهرَ أنَّ الذبائح والفرائض اليهوديَّة لن تكن مقبولة فيما بعد. فالذبيحة العظمى قد قُدِّمت وقُبِلَت، والروح القدس الذي نزل في يوم الخمسين نقل أفكار التلاميذ مِن المقدس الأرضيّ إلى المقدس السماويّ، حيث دخل يسوع باستحقاق دمه ليسكب على تلاميذه بركات كفَّارته. لكنَّ اليهود تُرِكوا في ظلام دامِس. لقد فقدوا كلَّ النور حول خطَّة الخلاص والذي كان يمكن أنْ يكون مِن نصيبهم، واستمرُّوا بالثقة في ذبائحهم وتقدماتهم العقيمة والعديمة الفائدة. لقد حلَّ المَقدِس السماويّ محلَّ المَقدِس الأرضيّ، ومع ذلك لم يكن لهم عِلْمَ بالتغيير. وبالتالي لم يتمكَّنوا مِن الاستفادة مِن شفاعة المسيح في المقدس السماويّ. SRAr 386.2

ينظر الكثيرون برعب إلى الطريق الذي سلكه اليهود عندما رفضوا المسيح وصلبوه؛ وإذ يقرأون التاريخ المُخزي الذين يبيِّن ما تعرَّض له مِن إساءة، يظنُّون أنَّهم يحبُّونه وأنَّهم ما كانوا لينكروه كما فعل بطرس أو يصلبوه كما فعل اليهود، لكنَّ الله الذي يعرف قلوب الجميع قد امتحن حبَّهم المزعوم ليسوع. SRAr 387.1

إِنَّ السماء بأسرها قد راقبت بأعمق اهتمام كيف تقبَّل الناس رسالة الملاك الأوَّل. لكنَّ الكثيرين ممَّن ادَّعوا حُبَّهم ليسوع وذرفوا الدموع وهم يقرأون قصَّة الصليب، سخروا مِن الأخبار السارَّة الخاصَّة بمجيئه. وبدلًا مِن أنْ يقبلوا الرسالة بفرح، أعلنوا أنَّها خدعة ووهم. لقد أبغضوا الذين أحبُّوا ظهوره وطردوهم مِن الكنائس. والذين رفضوا الرسالة الأولى لم يتمكَّنوا مِن الاستفادة مِن الرسالة الثانية؛ ولم يستفيدوا مِن صراخ نصف الليل الذي كان سيعِدُّهم للدخول مع يسوع بالإيمان إلى قدس الأقداس في الهيكل السماويّ. وبرفضهم للرسالتين السابقتين، فقد أظلمت أذهانهم حتَّى أنَّهم لم يقدروا أنْ يروا النور الذي في رسالة الملاك الثالث، وهي الرسالة التي تصِفُ ما يجرى مِن أحداث في قُدس الأقداس. SRAr 387.2