قِصَّة الفداء

13/229

٥ - تدبير الفِداء

امتلأت السماء حُزنًا إذ أدرك الجميع أنَّ الإنسان قد سَقَط والعالَم الذي خلقه الله سيمتلئ بخلائق محكوم عليها بالشقاء والمرض والموت، وليس مِن طريقٍ للنجاة لِمَن تعدَّوا على الشريعة. توجَّب أنْ يقع الموت على عائلة آدم بأكملها. رأيتُ يسوع الحبيب وعلى ملامِحِه تعابير الشفقة والحُزن. وسرعان ما رأيتُه يقترب مِن النور الساطِع الذي يلفُّ الله الآب. فقال الملاك الذي يرافقني: «إنَّه في حِوار حميم مع أبيه”. بدا أنَّ قلق الملائكة كان يتزايد حينما كان يسوع يتشاور مع أبيه. وقد حجبه نورُ الآب عن الأنظار ثلاث مرّاتٍ، وفي المرَّة الثالثة خرج مِن عند الآب، وكان بالإمكان رؤية شخصه. كانت ملامِحه هادئة لا أثَرَ فيها للحيرة ولا للشكِّ، وكان وجهه يشعُّ بعطف وجمال لا يُعبَّرُ عنهما بكلمات. SRAr 42.1

بعد ذلك أعلن يسوع للجند السماويِّ بأنَّه قد تمَّ إعداد طريق لخلاص الجنس البشريِّ الهالِك. وأخبرهم بأنَّه ظلَّ يقدِّم التوسُّلات لأبيه، حيث عرضَ تقديم حياته فدية ليأخذ على نفسه حُكم الموت حتَّى يستطيع الجنس البشريُّ أنْ ينال العفو بواسطته؛ وباستحقاقات دمه وطاعته لشريعة الله سينال البشر رضا الله ويعودون إلى الجنَّة الجميلة ويأكلون مِن ثمار شجرة الحياة. SRAr 42.2

لم يقدر أنْ يشعر الملائكة بالفرح في بادئ الأمر، وذلك لأنَّ قائدهم لم يُخفِ عنهم شيئًا ولكنَّه بسط أمامهم تدبير الفداء. فقد قال لهم يسوع بأنَّه سيقف بين غضب أبيه والإنسان المُذنِب وأنَّه سيحمل الْخَطِيَّةَ والسخرية، ولكنَّ قليلين سيقبلونه كابن الله. وسيكرهه أغلبُ الباقين ويرفضونه. وسيتخلَّى عن كُلِّ المجد الذي له في السماء، وسيظهر على الأرض كإنسان، ويتعرَّض للذلِّ كإنسان، وهكذا سيختبر بنفسه مختلف التجارب التي قد يتعرَّض إليها البشر، وذلك لكي يقدر أنْ يُعين المُجرَّبين؛ وفي النهاية، بعد أنْ تنتهي مهمَّته كمُعلِّم، سيُسلَّم إلى أيدي بشر ويُقاسي منهم أغلب صنوف الإهانة والتعذيب التي يُمكن للشيطان وملائكته أنْ يوحوا بها إلى أولئك الأشرار؛ وسيموت أقسى ميتة مُعلَّقًا بين السموات والأرض كخاطئ مُجرم؛ وسَيُكابِد ساعات مريرة مِن العذاب لن تقدر الملائكة أنْ تشاهدها، بل سيُغطُّون وجوههم مِن المنظر الرهيب. وهو لن يُكابِد مجرَّد آلام الجسد، ولكنَّه سيقاسي أيضاً آلاماً روحيَّة لا يمكن أنْ يُقاربها أو يُقارن بها أيُّ عذاب جسديٍّ. وسيُلقى عليه حِمل خطايا العالم أجمع. لقد أخبرهم بأنَّه سيموت ويقوم في اليوم الثالث، وسيصعد إلى أبيه ليشفع في البشر الآثِمين الضالِّين. SRAr 43.1