المُعلّم الأعظم
٨ - الكَـنز المُخْفى
(يعتمد هذا الفصل على ما جاء في متى ١٣: ٤٤).
« أَيْضًا يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ كَنْزًا مُخْفىً فِي حَقْل، وَجَدَهُ إِنْسَانٌ فَأَخْفَاهُ. وَمِنْ فَرَحِهِ مَضَى وَبَاعَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَى ذلِكَ الْحَقْلَ » (متى ١٣: ٤٤). COLAr 93.1
في العصور القديمة اعتاد الناس أن يخفوا كنوزهم في الأرض. فقد كانت حوادث السرقة والسطو كثيرة الوقوع. وكلما حدث تغيير في الحكام فالذين كانوا يملكون ثروات عظيمة باتوا معرضين لأن تفرض عليهم ضرائب فادحة. وفضلا عن هذا فإنّ البلاد كانت في خطر دائم من غزو يأتيها من جيوش مغيرة، ونتيجة لذلك، كان الأغنياء يحاولون الاحتفاظ بثروتهم بإخفائها، وكانوا ينظرون إلى الأرض كأنها مخبأٌ أمينٌ. ولكن في أحيان كثيرة كانوا ينسون المكان الذي أخفوا فيه كنوزهم، وقد يموت صاحب الكنز أو قد يفصل النفي أو السجن بينه وبين كنزه. فكانت الثروة التي قد تعب في جمعها تترك لمن يسعده الحظ بالعثور عليها. وفي عهد المسيح لم يكن أمرا غير مألوف اكتشاف عملات قديمة وحليّ من الذهب والفضة في أرض مهملة مهجورة. COLAr 93.2
إنّ رجلا يستأجر قطعة أرض ليزرعها، ففيما الثيران تحرث الأرض يكتشف الرجل كنزا مُخفى. فإذ يكتشف الرجل هذا الكنز يرى أنّ ثروةً صارت في متناول يده. فبعدما يعيد الذهب إلى مخبئه يعود إلى بيته ويبيع كل ما له لكي يشتري الحقل الذي فيه الكنز. ولكن عائلته وأقرباءه يظنون أنه يتصرف تصرف المجانين. فإذ ينظرون إلى الحقل لا يرون لتلك الأرض المهملة أية قيمة. ولكن الرجل يعلم ما هو فاعل، وعندما تصير الأرض ملكا له ينقب كل شبر في ذلك الحقل بحثا عن الكنز الذي قد أحرزه. COLAr 93.3
هذا المثل يشرح لنا قيمة الكنز السماوي والجهد الذي يجب أن يُبذل في سبيل الحصول عليه. إنّ الرجل الذي وجد الكنز في الحقل كان مستعداً للتخلي عن كل ما يملك ولبذل جهد لا يكلّ لكي يحرز تلك الثروة المخفية. وهكذا من يجد الكنز السماوي لا يعتبر أي تعب أعظم ولا أية تضحية أغلى من أن تبذل في سبيل الحصول على كنوز الحق. COLAr 94.1
إنّ الحقل الذي كان فيه الكنز المذكور في المثل يرمز إلى الكتب المقدسة. والإنجيل هو الكنز. إنّ الأرض نفسها ليست مضفورة بعروق الذهب وممتلئة بالأشياء الثمينة مثل كلمة الله. COLAr 94.2