المُعلّم الأعظم

43/61

٢٥ - الوَزنــَات

(يعتمد هذا الفصل على ما جاء في متى ٢٥: ١٣-٣٠).

إنّ المسيح إذ كان جالسا على جبل الزيتون تحدث مع تلاميذه عن مجيئه الثاني إلى العالم. وقد ذكر بعض الحوادث التي تدل على قرب مجيئه، وكان قد أوصى تلاميذه بأن يسهروا ويستعدوا. ومرة أخرى كرر الإنذار قائلا: « فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ » (متى ٢٥: ١٣). ومن ثم أبان لهم معنى السهر لمجيئه. فالوقت ينبغي أن لا يصرف في الانتظار الباطل بل في العمل باجتهاد. هذا هو الدرس الذي قدمه المسيح في مثل الوزنات. COLAr 296.1

فقال لهم ملكوت السَّمَاوَات « كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ » (متى ٢٥: ١٤، ١٥). COLAr 296.2

إنّ الرجل المسافر إلى كورة بعيدة يرمُز إلى المسيح الذي حينما نطق بهذا المثل كان مزمعا أن ينطلق من الأرض إلى السماء. و « عبيده » أي الأسرى المذكورون في المثل يرمزون إلى أتباع المسيح. إننا لسنا لأنفسنا فقد « اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ » (١كورنثوس ٦: ٢٠) « لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب... بل بدم كريم... دم المسيح » (١بطرس ١: ١٨، ١٩). « كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ » (٢كورنثوس ٥: ١٥). COLAr 296.3

كل الناس قد اشتُروا بهذا الثمن الذي لا يمكن تقديره. إذ سكب الله كل ما في خزانة السماء إلى هذا العالم، وإذ منحنا كل السماء في المسيح، فإنّه قد اشترى إرادةَ كل إنسان وعواطفَه وعقلَه ونفسَه. إنّ كلّ الناس، مؤمنين كانوا أو غير مؤمنين هم خاصة الرب. والجميع يُدعون ليخدموه، ولأجل الكيفية التي بها قابلوا هذا الطلب، سيُطلب من الجميع أن يقدموا حسابا في يوم الدينونة العظيم. COLAr 297.1

ولكنّ حقوق الله لا يعترف بها الجميع. فالذين يدّعون أنّهم قد قبلوا خدمة المسيح هم الذين يرمز إليهم المثل على أنّهم عبيده. COLAr 297.2

لقد افتُدِيَ أتباعُ المسيح ليخدموا. إنّ ربّنا يعلمنا أنّ هدف الحياة الحقيقي هو الخدمة. فقد كان المسيح نفسه خادما، وهو يقدّم لكل اتباعه قانون الخدمة ـ خدمة الله وخدمة بني جنسهم. لقد قدم المسيح للعالم هنا فكرة عن الحياة أسمى من كل ما سبقوه فعرفوه. إنّ الإنسان إذ يعيش ليخدم الآخرين يصير مرتبطاً بالمسيح. فقانون الخدمة يصير حلقة الاتصال التي تربط بيننا وبين الله وبني جنسنا. COLAr 297.3

إنّ المسـيح يســلم عبيده « أَمْوالَهُ » — أي شيء يستثمر لأجله، فهو يعطي « لِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ » (مرقس ١٣: ٣٤). فلكلٍ مكانه في تدبير السماء الأبدي. وعلى كل واحد أن يعمل متعاونا مع المسيح لأجل خلاص النفوس. فكما نحن موقنون من انّه يوجد مكان معد لنا في المواطن السماوية فكذلك يجب أن نوقن انه قد تعين لنا مكان خاص على الأرض حيث نخدم الله. COLAr 297.4