أعما لالرُّسل

35/59

الفصل الرابع والثلاثون

خدمة مكرسة

ان المسيح بحياته وتعاليمه قدم مثالا كاملا رائعا للخدمة المنكرة لذاتها التي تستمد كيانها من الله. ان الله لايعيش لذاته . فبخلقه للعالم وعنايته بكل مافيه يخدم سواه بلا انقطاع : «يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ، ويمطر على الابرار والظالمين» ( متى 5:45) . فهذا المثل الاعلى للخدمة سلمه الآب لابنه لقد اعطي يسوع ان يقف رأسا للبشرية ، معلما الناس بمثاله معنى الخدمة. فقد خدم الجميع وساعد الكل . AR 323.1

حاول المسيح مرارا وتكرارا ان يقرر ويثتبهذا المبدأ في اذهان تلاميذه فعندما تقدم يعقوب ويوحنا اليه بطلبهما ان تكون لهما الافضلية على الباقين قال:« من ااراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما ، ومن ااراد ان يكون فيكم أولا فليكن لكم عبدا ، كما ان ابن الانسان لم يأت ليخدم بل ليخدم، وليبذل نفسه فدية عن الكثيرين» ( متى 20 : 26 — 28). AR 323.2

ومنذ صعب المسيح وهو يواصل عمله على الارض بواسطة سفراء مختارين يخاطبعن طريقهم بني الانسان ويخدم حاجاتهم . ان رأس الكنيسة الاعظميدير عمله ويوجهه بواسطة رجال اقامهم الله ليكونوانوابا عنه . AR 323.3

ان مركز أولئك الذي قد دعاهم الله ليخدموا في الكلمة والتعليم لأجل بناء كنيسته هو مركز ذو مسؤولية خطيرة . انهم يطلبونالى الناسعن المسيح ، الرجال منهم والنساء ،كي يتصالحو مع الله . وهم يستطيعون اتمام عملهم ورسالتهم فقط على قدر ماتعطى لهم حكمة وقوة منالعلاء. AR 324.1

ان خدام المسيح هم الحراس الاوصياء الروحيون على الشعبالمسلمين الى رعاتيهم. وعملهم مشبه بعمل الرقباءففي العصور القديمة كان الحراس كثيرا مايقفونعلى اسوار المدن حيث كانوا من اماكنهم العالية يشرفون على الاماكن الهامة المحتاجة الى حراسة ويقدمون الانذار عن قدوم العدو . فكانت سلامة كل سكان المدينة متوقفة على امانةأولئك الحراس.وكان مطلوبا اليهم في فترات مقررة ان ينادي احدهم الآخر للتحقق من انهم جميعا مستيقظن وان احدا منهم لم يلحقه ضرر. وقد كانت صيحة التحية الفرحة او الانذار تنتقل من حارس الى اخر وكل منهم يكرر النداءالى ان يرن صداه في كل انحاء المدينة. AR 324.2

والرب يعلن لكل خادم قائلا: «يابن آدم ، فقد جعلتك رقيبا لبيت اسرائيل فتسمع الكلام من فمي ، وتحذرهم من قبلي . اذا قلت للشرير : ياشرير موتا تموت . فان لم تتكلم لتحذر الشرير من طريقه، فذلك الشرير يموت بذنبه ، اما دمه فمن يدك أطلبه، وان حذرت الشرير من طريقه ليرجع عنه .. فقد خصلت نفسك» ( حزقيال33: 7 — 9). AR 324.3

ان كلام النبي يعلن عن المسؤولية الخطرة التي في اعناق أولئك المعينين حراسا لكنيسة الله ووكلاءه سرائره . عليهم ان يقفوا حراسا على اسوار صهيون وان يطلقوا صيحة الانذارعند اقتراب العدو . ان النفوس هي في خطر الوقوع في التجربة وهي ستهلك مالم يكن خدام الله أمناء لودائعهم. فإذا كانت حواسهم الروحية تتخدر لأي سبب بحيث تمسي عاجزة عن تمييز الخطر وبسبب هذا الاخفاق في تقديم الانذار تهلك النفوس فالله سيطلب من ايديهم دم أولئك الهالكين . AR 324.4

انه من امتيازات الحراس على اسوار صهيونكونهم يعيشون بالقرب من الله وكونهم يصيرون حساسين لتأثيرات روحه الى حد انه يمكنه ان يعمل بواسطتهم يخبروا الرجال والنساء بخطرهم ويرشدون الى مكان النجاة. عليهم بكل امانة ان ينذروهم بنتائج عصيانهم الاكيدة. وعليهم بكل امانة ان يسهروا على مصالح الكنيسة . وينبغي الا يتراخوا عن السهر في أية ساعة. ان عملهم يتطلبتدريب كل قوى كيانهم. عليهم ان يرفعوا اصواتهم بالانذار كصوت البوق الواضح النغمات ، وينبغي الا ينفخوا في البوق نغمة التردد وعدم الوضوح . عليهم ان يعملوا لا لأجل الاجر بل لأنه لايمكنهم ان يفعلوا غيرهذا ولانهم متحققون من ان الويليستقرعليهم اذا لم يكرزوا بالانجيل . وحيث انهم مختارونمن الله وقد ختموا بدم التكريس فعليهم ان ينقذوا الرجال والنساء من الهلاكالذي يتهددهم. AR 325.1

ان الخادم العامل مع المسيح لابد ان يكون عنده احساس عميق بقدسية عمله ، والتعب والتضحية المطلوبين منه لانجازه بنجاح. انه لايهتم براحته او استقراره . انه ينسى نفسه . وفي بحثه عن الخروف الضال لايتحقق من انه قد تعب او يحس بالبرد او الجوع . ان امامه هدفا واحدا — الا وهو انقاذ الهالكين. AR 325.2

ان من يخدم تحت رسالة عمانوئيل المعموسة بالدم سيلتزم بأن يعمل مايتطلب جهودا بطولية وصبرا واحتمالا. ولكن جندي الصليبيقف غير خائف ولا وجل في جبهة القتال. واذ يشدد العدو عليه الهجوم فهو يتجه الى الحص في طلب العون واذ يقدم للرب مواعيد الكلمةيتقوى لأداء واجبات الساعة . انه متحقق من الذات بل تجعله يستند بكل قوته على القدير . فإذ يصمد على تلك القوة فذلك يعينه على تقديم رسالة الخلاص بكل قوة بحيث تهتز أمامها كل العقول . AR 325.3

ان من يعلم بالكلمة عليه ان يعيش هو نفسه في شركة يقظة مع الله في كل ساعة بالصلاة ودرس كلمته لأن في ذلك نبع قوته. ان الشركة مع الله تضفي على جهود الخادم قوة أعظم من تأثير كرازته وعليه الا يسمح لنفسه بالحرمان من هذه القوة. فبغيرة تأبى الرفض عليه ان يتوسل الى الله ليقويه ويحصنه لأداء الواجب واحتمال التجربة ويلمس شفتيه بجمرة حية . ان تمسلك سفراء المسحي بالحقائق الابدية ضعيف جدا في الغالب . فإذا سارالناس مع الله فهو سيخفيهم في شق من الصخرة . وإذ يستترون هكذا يمكنهم ان يروا الله كما قد رآه موسى. وبالقوة الونور اللذين يمنحهما يمكنهم ان يدركوا وينجزوا اكثر مما كانت حكمتهم المحدودة تظنه ممكنا . AR 326.1

ان دهاء الشيطان يستخدم بنجاح اكبر ضد المتضايفين المحزنين . فعندما يحدق الفشل وتثبيط الهمة بالخادم فليبسط امام الرب احتياجاته . ان بولس عندما ابتدأفي عمله كانت السماء من فوقه نحاسا ومع ذلك فقد اتكل على الله اتكالا كاملا . لقد عرف اكثر من جميع الناس معنى ابمحن والتجاربوالمقاومة ورجلاه تسيران في طريق السماء : «لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشيئ لنا اكثر فأكثر ثقل مجد أبديا . وحن غير ناظين الى الاشياء التي ترى.، بلالى التي لاترى» ( 2 كورنثوس4 : 17 ، 18). كانت عينا بولس مثبتتين دائما في الاشياءغير المنظورة والابدية. واذ كان عالماانه انما يحارب قواتفوق طاقة الشر ، استند على الله، وفي هذا كانت قوته. فإذ تنظر النفس الى الرب غير المنظور تنال قوة ونشاطا وتنسحق قوة الارض ولايعود لها سلطان على العقل او الخلق . AR 326.2

وعلى الخادم ان يندمج بحرية بين افراد الشعب الذين يخدمهم، حتى اذ يتعرف بهم يمكنه تطبيق تعاليمه على حاجاتهم. فبعدما يقدم الخادم عظمة، يكون قد استهل عمله فقط. فهنالك عمل فردي يجب ان يقوم به . عليه ان يزور الناس في بيتوتهم ويتحدث ويصلي معهم بغيرة ووداعة. توجد عائلات لايمكن الوصول اليهاعن طريق حقائق كلمة الله مالم يدخل بيتوتهم وكلاء نعمته ويرشدوهم الى طريق اسمى. ولكن قلوب أولئك القائمين بهذا العمل ينبغي ان تكون متحدة بقلب المسيح وتخفق بحبه. AR 327.1

يوجد كثير من المعاني السامية مشتملا في الامر القائل : «اخرج الى الطرقوالسياجات وألزمهم بالدخول حتى يمتلأ بيتي» ( لوقا14 : 23 ). ليعلم الخدام الحق في العائلات اذ يقتبرون ممن يخدمونهم ، واذا يتعاونون هكذا مع الله فسيلبسهم قوةروحية . والمسيح سيرشدهم في عملهم معطيا اياهم كلاما ينطقون به فيتغلغل في اعماق قلوب السامعين. انه من اعظم امتيازات كل خادم ان يكون قادرا ان يقولمع بولس : «لم أؤخر ان اخبركم بكل مشورة الله»، «لم أؤخر شيئا من الفوائد الا واخبرتكم وعلمتكم به جهرا وفي كل بيت ... بالتوبة الى الله والايمان الذي بربنايسوع المسيح» ( أعمال 20 : 27 ، 20 ، 21). AR 327.2

كان المخلص يذهب من بيت الى بيت شافيا المرضى معزياالنائحين مخففا آلام المتألمين المتضايقيين ، متكلما بالسلام للمحزونين . لقد احتضن الأولادوباركهم ، وكلم الأمهات المتعبات بكلام الرجاء والعزاء . وبرقة ولطف لا يكلان واجه كل اشكال الشقاء وآلام البشرية . انه لم يخدم نفسه بل خدم الآخرين . كان خادما للجميع . وطعامه وارتواؤه كانا في جلب الرجاءوالقوة لكل من اتصل بهم واذ كان الرجال والنساء يصغون الى الحقائق التي كانت تنطبق بها شفتاه والتي كانت تختلف اختلافا بينا عن التقاليد والعقائد التي كانت يعلم بهامعلموااليهود ، انبثق الرجاء في قلوبهم . كانت أقواله مصحوبة بغيرة كبيرة جعلت كلامه يصل الى القلوب بقوةاقناع وتبكيت عظيمة . AR 327.3

وعلى خدام الله ان يتعلموا من المسيح طريقة الخدمة لكي يمكنهم ا يستخرجوا منكنوز كلمته مايلبيالحاجة الروحية لمن يخدمونهم. وبهذه الكيفية وحدها يمكنهم ان يتمموا عهودهم. فنفس الروح الذي كان ساكنا في المسيح وهو يقدم للناس التعاليم التي كان يتلقاها على الداوم ، ينبغي ان يكون نبغ معرفتهم وسرقوتههم في الاضطلاع بعمل المخلص في العالم. AR 328.1

ان بعض من تعبوافي الخدمة أخفقوا في الظفر بالنجاح لأنهم له يهتموا بعمل الرب اهتماما كاملا. على الخدام الا يسمحوا لأي اهتمامات ان تحتل تفكيرهم او تشغل قواهم غير عملهم العظيم ، وهو ارشاد النفوس الى المخلص . ان الصيادينالذين دعاهم المسيح ، للوقت تركوا شباكهم وتبعوه . ان الخدام لا يمكنهم ان يقوموا بعمل مقبول لدى الله وفي نفس الوقت يحملون عبئ مشاريع تجارية عظيمة خاصة بهم . مثل هذا الانقسام في الاهتمام يعمي بصيرتهم الروحية . فالعقل والقلب ينشغلان بالارضيات، اما خدمة المسيح فيبقى مركزها ثانويا . انهم يحاولون ان يكيفوا خدمتهم لله حسب مقتضيات ظروفهم ،بدلا ان يكيفواخدمتهم لله حسبمقتضيات ظروفهم ، بدلا من ان يكيفوا الظروفلاتمام مطليب الله . AR 328.2

ان كل قوى الخادم مطلوبة للقيام بدعوته العليا . فأفضيل قوه هي الله ، عليه الا يشتغل في المنافساتالتجارية او في أي عمل آخريجعله يحيد عن عمله العظيم. وقد اعلن بولس قائلا: «ليس أحد وهو يتجند يرتبك بأعمال الحياة لكي ييرضي من جنده «( 2 تموثاوس 2 : 4).وهكذا أكد الرسولحاجة الخادم الى تكريس غير مجزأ وفي غير تحفظ في خدمة السيد . فالخادم المكرس لله بالتمام يرفض الاشتغال في عمله يعطله عن تكريس نفسه بالتمام لدعوته المقدسة . انه لايسعى في طلب الكرامة او الغنى الدنيوي ولكن غرضه الأوحد هو ان يخبر الآخرين عن المخلص الذي بذل نفسه ليقدم لبني الانسان غنى الحياة الابدية . وان اسمى غاياته ليست ان يكنز لنفسه كنوزافي هذا العالم بل ان يوجه انتباه العديمي الاكتراث والعديمي الاخلاص الى الحقائق الابدية . قد يطلب منه ان يشتغل ويشترك في مشاريع تضمن ارباحا عظيمة ،ولكنه يجيب على هذه المغريات بقوله: «ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ؟» ( مرقس :8 : 36), AR 328.3

لقد عرض الشيطان هذا الاغراء اما المسيح عالما انه لو قبله فلن يفتدى العالم. وهو يقدم هذه التجربة نفسها لخدام الله تحت اشكال مختلفة في هذه الايام عالما ان من ينخدعون بها لن يكونوا امنااءعلى الامانة التي بين أيديهم. AR 329.1

ليست ارادة الله ان يسعي خدامه ليكونوا اغنياء. وقد كتب بولس الى تيموثاوس بهاذا الصدد يقول : «لأن محبة المال اصل لكل الشرور ،الذي اذ ابتغاه قوم ضلوا عن الايمان، وطعنوا انفسهم بأوجاع كثيرة. واما انت ياانسان الله فاهرب من هذا ، واتبع البر والتقوى والايمان والمحبة والصبر والوداعة». وعلى سفير المسيح بمثاله وتعاليمه ان «يوصي الاغنياء في الدهر الحاضران لايستكبروا ، ولايلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى ، بل على الله الحيالذي يمنحنا كل شيئ بغنى للتمتع , وان يصنعوا صلاحا ، وان يكونوا اغنياء في اعمال صالحة، وان يكونو أسخياء في العظاء ، كرماء في التوزيع ، مدخرين لأنفسهم اساسا حسناللمستقبل ، لكي يمسكوا بالحياة الابدية» ( 1 تيموثاوس6 : 10 ، 11 ، 17 — 19). AR 329.2

ان اختبار بولس الرسول وتعليمه بخصوص قدسية عمل الخادم هما نبع عون والهام للعاملين في خدمة الانجيل . كان قلب بولس يضطرم بالمحبة للخطاة ولذلك بذلكل قواه وجهد في عمل ربح النفوس . لم يوجد خادم اكثرانكارا للذات ومواظبة على عمله من بولس. والبركات التي حصل عليها قدرها على انها امتيازات يمكن استخدامات في اسعاد الاخرين . ولم يضيع فرصة للتحدث عن مخلصه او مساعدة المتضايقين. كان يذهب من مكان الى مكان كارزا بانجيل المسيح ومؤسسا للكنائس. واينما وجد مستمعين اجتهد في صد الشر وايقافه عند حده وتوجيه اقدام الرجال والنساء في طريق البر . AR 329.3

.ولم ينس بولس الكنائس التي اقامها . فبعد القيام بجولة كرازية عاد هو وبرنابا يزوران الكنائس التي قد اسساها ، ويختاران من بين أعضائها رجالا يستطيعان تدريبهم للاشتراك معهما في الكرازة بالانجيل AR 330.1

هذه الصفة المميزة لعمل بولس تشتمل على درس هام يحتاج خدام اليوم ان يتعلموه. فلقد جعل الرسول تهذيب الشباب جزءا من خدمته . كان يصطحبهم معه في سفراته الكرازية وهكذا حصلوا على اختبار اعانهم افيما بعد كي يشغلوا مراكز ذات مسؤولية . وبعدما كان يفترق عنهم كان يظل على اتصال بعملهم، وكانت رسائله الى تيموثاوس وتيطس برهانا على مقدار شوقه لنجاحهما AR 330.2

ان الخدام المحنكين اليوم يقومون بعمل نبيل عندما يدربون خداما من الشباب ويضعون المسؤولية على كوهلهم بدلا من ان يحملوا كل الاعباء على انفسهم. AR 330.3

ولم ينس بولس قط المسؤولية الموضوعة عليهكخادم للمسيح ، كما لم ينس انه لو هلكت النفوس بسبب عدم أمانته فالله سيعتبره مسؤلا . فقد اعلن عن الكنيسةيقول : «التي صرت انا خادما لها ، حسب تدبير الله المعطى لي لأجلكم ، لتتميم كلمة الله . السر المكتوم منذ الدهور ومنذ الاجيال ،لكنه الان قد أظهر لقديسية ، الذين اراد الله ان يعرفهم ماهوا غنى مجدا هذا السر الامم ، الذي هو المسيحفيكم رجاء المجد ، الذي ننادي به منذرين كل انسان، ومعلمين كل انسان، بكل حكمة ، لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع ، الامر الذي لأجله اتعب ايضا مجاهدا ، بحسب عمله الذي يعمل فيبقوته» ( كولوسى 1:25 -29 ). AR 330.4

هذه الاقوال تضع امام من يخدم المسيح هدفا عاليا ، ومعذلك فكل من يضعون انفسهم تحت سيادة المعلم العظيم ويتعلمون في مدرسة المسيح سيصلون الى هذا الهدف , ان القوة التي تحت تصرف الله غير محدودة ، والخادم الذي في حاجته العظمى يختلي بالرب يمكنه ان يتحقق من انه سيحصل منه على ماسيكون رائحة حياة لحياة بالنسبة للسامعين . AR 331.1

ثم ان رسائل بولس ترينا ان خادم الانجيل ينبغي ان يقدم نفسه مثالا للتعاليم والحقائق التي يعلم بها . فها هو يقول : «ولسنا نجعل عثرة في شيئ لئلا تلام الخدمة». اما عن عمله فقد قدم لناصورة في رسالته الى مؤمني كونثوس يقول : «في كل شيئ نظهر انفسناكخدام لله في صبر كثير ، في شدائد ، في ضرورات،في ضيقات في ضربات في سجون ، في اضطرابات ، في اتعاب ، في اسهار ، في اصوام ، في طهارة ، في علم ، في اناة ، لطف في الروح القدس، في محبة بلا رياء ، في كلام الحق ، في قوة اللهبسلاح البر لليمين ولليسار. بمجد وهوان ، بصيت ردئي وصيت حسن . كمضلين ونحن صادقون ، كمجهولين ونحن معروفين ، كمائتين وها نحن نحيا ، كمؤدبين وحن غير مقتولين ، كحزانى ونحن دائما فرحون ، كفقراء وحن نغني كثيرين» ( 2 كورنثوس 6 : 3 ، 4 — 10). AR 331.2

وقد كتب الى تيطسيقول : «كذلك عظ الاحداث ان يكونو متعلقين ، مقدما نفسك في كل شيئ قدوة للأعمال الحسنة ، ومقدما في التعليم نقاوة ، ووقارا واخلاصا وكلاما صحيحا غير ملوم ، لكي يخزي المضاد ، اذ ليس له شيئ رديئ يقوله عنكم» ( تيطس 2 : 6 -8 ). AR 331.3

ليس اثمن في نظر الله من خدامه الذين يخرجون الى قفار الارض ليبذروابذار الحق منتظرين وقت الحصاد . وليس غيرالمسيحان يقدر مقدار جزع خدامه وهم يطلبون الهالكين.انه يمنحهم روحه وبفضلجهودهم ترجع النفوس من الخطية الى البر. AR 332.1

ان الله يطلب رجالا يكونون مستعدين لترك مزراعه وتجارتهم وحتى عائلاتهم اذا اقتضت الضرورة ، ليصيروا رسلا له . وستجاب الدعوة ، في الماضي وجد رجال ،اذا حركتهم محبة المسحي واحات الهالكين ، تركوا تنعمات الوطن وعشرة الاصدقاء وحتى الزوجة والاولاد ليذهبوا الى بلدان بعيدة بين عابدي الاوثان والمتوحشين ليعلنوا رسالة الرحمة. وكثيرون منهم وهم يقومون بهذه المحاولة فقدو حياتهم ، ولكن اقيم آخرون ليتمموا العمل . وهكذا تقدم عمل المسيح خطوة فخطوة . والبذار الذي زرع في حزن انتج حصادا وفيرا . فقد انتشرت معرفة الله ورفعت راية الصليب في البلدان الوثنية. AR 332.2

ان الخادم عليه ان يبذل اقصى جهده ويستخدم كل موارده في سبيل هداية خاطئ واحد . فالنفس التي خلقهاالله وافتداها المسيح غالية القيمة بسبب الامكانيات التي امامها ، والميزات الروحية الممنوحة لها ، والقدرة التي يمكنها امتلاكها لو احيتها كلمة الله ، والخلود الذي يمكنها امتلاكه بالرجاء المقدم الانجيل . فإذا كان المسيح قد ترك التسعة والتسعين لكي يطلب ويخلص خروفاواحدا ضالا ، فهل نتبرر لو عملنا اقل من ذلك ؟او ليس اهمالنا للخدمة كما كان المسيح يخدم ، والاقدام على التضحية كما كان هو يضحي ، خيانة للودائع المقدسة واهانة الله . AR 332.3

ان قلب كل خادم امين مملتئ بشوق عظيم لتخليص النفوس . فهو ينفق وقته وقوته ولايستعفى من بذل الجهود المضنية كي يسمع الاخرون الحقائق التي جلبت لنفسه مثل تلك الغبطة وذلك السلام والفرح . فروح المسيح مستقر عليه . انه يسهر على النفوس كأنه مزمع ان يقدم عنها حسابا . فإذ يثبت عينيه على صليب الجلجثة، ويرى المخلص المرفوع. ويعتمد على نعمته واثقامن انه سيكون معه الى النهاية باعتبارهترسه وقوته وكفايته ، فإنه عندئد يخدم الله . فبدعواته وتوسلاته الممتزجة بتأكيدات محبة الله، يحاول ان يربح نفوسا ليسوع وفي السماء يحصى بين أولئك الذين هم «مدعوون ومختارون ومؤمنون» AR 333.1